للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيهَا: فِي ذِي الْقعدَة وصلت هَدَايَا عَظِيمَة وتحف إِلَى السُّلْطَان من ملك التتر.

وفيهَا: ناول جوبان نَائِب السلطنة عَن أبي سعيد الْأَمِير مُحَمَّد حُسَيْنًا قدحاً ليشربه فَلَمَّا صَار فِي يَده وجده خمرًا فَامْتنعَ من شربه، فَقَالَ جوبان: إِن لم تشربه تُؤدِّي ثَلَاثِينَ تومانا من الذَّهَب، فَقَالَ: أَنا أؤدي ذَلِك فرسم عَلَيْهِ بالمبلغ فَمضى إِلَى الْأَمِير يُلَبِّي وَهُوَ ذُو مَال طائل فعامله على ذَلِك بِرِبْح عشرَة تومانات وَكتب عَلَيْهِ حجَّة فَلَمَّا علم جوبان ذَلِك أحضر مُحَمَّدًا حُسَيْنًا وَقَالَ: تغرم أَرْبَعِينَ توماناً من الذَّهَب وَلَا تشرب قدح خمر قَالَ: نعم فأعجبه ذَلِك وخلع عَلَيْهِ ملبوسه جَمِيعه ومزق الْحجَّة وقربه.

قلت:

(فَازَ حُسَيْنًا بالثنا والهنا ... بصبره عَن قدح الْخمر)

(بلَى فَعُوفِيَ وَاتَّقَى فارتقى ... وَهَذِه عَاقِبَة الصَّبْر)

وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة توفّي الشَّيْخ الإِمَام بَقِيَّة السّلف عَلَاء الدّين بن الْمُوفق إِبْرَاهِيم بن دَاوُد بن الْعَطَّار بدار الحَدِيث النورية بِدِمَشْق، تفقه على الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ وخدمه وَعرف بِصُحْبَتِهِ، ثمَّ أَنه مرض بالفالج حَتَّى مَاتَ رَحمَه الله.

ثمَّ دخلت سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة: فِي جُمَادَى الأولى مِنْهَا وَقع بِالْقَاهِرَةِ مطر كثير قل أَن يَقع مثله، وَجَاء سيل إِلَى النّيل فَتغير وَزَاد أَربع أَصَابِع.

وَفِيه: وَقع الْغَرق بِبَغْدَاد ودام أَرْبَعَة أَيَّام وَزَاد الشط عَظِيما وغرق دائر الْبَلَد وَمنع النَّاس من الْخُرُوج من الْبَلَد وانحصروا وَلم يبْق حَاكم وَلَا قَاض وَلَا كَبِير وَلَا صَغِير إِلَّا نقل التُّرَاب وساعد فِي عمل السكور لمنع المَاء عَن الْبَلَد وَبقيت بَغْدَاد كلهَا جَزِيرَة فِي وسط المَاء وَدخل المَاء إِلَى الخَنْدَق وغرق كل شَيْء حول الْبَلَد وَخَربَتْ أَمَاكِن كَثِيرَة وَجَمِيع الترب والبساتين والدكاكين والمصلى وَوَقعت مدرسة الجعفرية ومدرسة عبيد الله وغرقت خزانَة الْكتب الَّتِي بهَا وَكَانَت تَسَاوِي أَكثر من عشرَة آلَاف دِينَار، وَصَارَ الرجل إِذا وقف على سور الْبَلَد لَا يرى مد الْبَصَر إِلَّا سَمَاء وَمَاء وغرق خلق وَاشْتَدَّ الْخطب وَامْتنع النّوم من الضجات وَخَوف الْغَرق، وَدَار النَّاس فِي الْأَسْوَاق مكشفة رؤوسهم وعمائهم فِي رقابهم والربعة الشَّرِيفَة على رؤوسهم وهم يَتلون ويستغيثون ويودع بَعضهم بَعْضًا خَائِفين وجلين أَن يخرق المَاء من الخَنْدَق مِقْدَار خرم إبرة فيهلكون، وغلت الأسعار لذَلِك أَيَّامًا.

وَمن الْعجب أَن مَقْبرَة الإِمَام أَحْمد تهدمت قبورها وَلم يتَغَيَّر قبر الإِمَام أَحْمد وَسلم من الْغَرق واشتهر ذَلِك واستفاض.

ثمَّ ورد كتاب أَن المَاء حمل خشباً عَظِيما وزنت مِنْهُ خَشَبَة فَكَانَت سِتّمائَة رَطْل بالبغدادي، وَجَاء على الْخشب حيات كبار خَلقهنَّ غَرِيب مِنْهَا مَا قتل وَمِنْهَا مَا صعد فِي النّخل وَالشَّجر وَمن الْحَيَّات كثير ميت وَلما نضب المَاء نبت الأَرْض صُورَة بطيخ شكله

<<  <  ج: ص:  >  >>