للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِيه: ولى قَضَاء الْحَنَفِيَّة بحماه جمال الدّين عبد الله بن القَاضِي نجم الدّين عمر بن العديم شَابًّا أَمر بعد عزل القَاضِي تَقِيّ الدّين بن الْحَكِيم فَإِن صَاحب حماه آثر أَن لَا يَنْقَطِع هَذَا الْأَمر من هَذَا الْبَيْت بحماه لما حصل لأهل حماه من التأسف على وَالِده القَاضِي نجم الدّين وفضائله وعفته وَحسن سيرته رَحمَه الله تَعَالَى وجهز قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين عمر بن العديم صاحبنا شهَاب الدّين أَحْمد بن المُهَاجر إِلَى حماه نَائِبا عَن القَاضِي جمال الدّين الْمَذْكُور إِلَى حِين يسْتَقلّ بِالْأَحْكَامِ وخلع صَاحب حماه عَلَيْهِمَا فِي يَوْم وَاحِد.

وَفِيه: ورد الْخَبَر أَن الْأَمِير سيف الدّين أَبَا بكر النابيري قدم من الديار المصرية على ولَايَة بر دمشق.

وفيهَا: فِي ذِي الْقعدَة توفّي بِدِمَشْق الْعَلامَة القَاضِي جمال الدّين يُوسُف بن جملَة الشَّافِعِي معزولا عَن الحكم من سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة، كَانَ جم الْفَضَائِل غزير الْمَادَّة صَحِيح الإعتقاد عِنْده صداقة فِي الْأَحْكَام وَتَقْدِيم للمستحقين وَكَانَ قد عطف عَلَيْهِ النَّائِب وولاه تدريس مدارس بِدِمَشْق.

قلت:

(بَكت الْمجَالِس والمدارس جملَة ... لَك يَا ابْن جملَة حِين فاجأك الردى)

(فاصعد إِلَى درج العلى واسعد فَمن ... خدم الْعُلُوم جَزَاؤُهُ أَن يصعدا)

وفيهَا: فِي ذِي الْقعدَة توفّي شَيْخي المحسن إِلَيّ ومعلمي المتفضل على قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن قاضى الْقُضَاة نجم الدّين أبي مُحَمَّد عبد الرَّحِيم بن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أبي الطَّاهِر إِبْرَاهِيم بن هبة الله بن الْمُسلم ابْن هبة الله بن حسان بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن أَحْمد بالبارزي الْجُهَنِيّ الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي علم الْأَئِمَّة وعلامة الْأمة تعين عَلَيْهِ الْقَضَاء بحماه فَقبله، وتورع لذَلِك عَن مَعْلُوم الحكم من بَيت المَال فَمَا أكله بل فرش خَدّه لخدمة النَّاس وَوَضعه وَلم يتَّخذ عمره درة وَلَا مهما زاولا مقرعة وَلَا عزّر أحد بِضَرْب وَلَا إخراق وَلَا أسقط شَاهدا على الْإِطْلَاق، هَذَا مَعَ نُفُوذ أَحْكَامه وَقبُول كَلَامه والمهابة الوافرة وَالْجَلالَة الظَّاهِرَة وَالْوَجْه الْبَهِي الْأَبْيَض المشرب بحمرة واللحية الْحَسَنَة الَّتِي تملأ صَدره والقامة التَّامَّة والمكارم الْعَامَّة والمحبة الْعَظِيمَة للصالحين والتواضع الزَّائِد للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين، أفنى شبيبته فِي الْمُجَاهِد والتقشف والأوراد، وَأنْفق كهولته فِي تَحْقِيق الْعُلُوم والإرشاد، وَقضى شيخوخته فِي تضنيف الْكتب الْجِيَاد وخطب مَرَّات لقَضَاء الديار المصرية فَأبى وقنع بمصره، وَاجْتمعَ لَهُ من الْكتب مَا لم يجْتَمع لأهل عصره، كف بَصَره فِي آخر عمره فولى ابْن ابْنه مَكَانَهُ، وتفرغ للعلوم والتصوف والديانة وَصَارَ كلما علت سنه لطف فكره وجاد ذهنه وشدت الرّحال إِلَيْهِ وَصَارَ الْمعول فِي الْفَتَاوَى عَلَيْهِ واشتهرت مصنفاته فِي حَيَاته بِخِلَاف الْعَادة، ورزق فِي تصانيفه وتآليفه السَّعَادَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>