(لله كم حَال أمرئ مقتر ... قضيت فِي الْقُدس بتنفيسه)
(كم دِرْهَم ولي وَلكنه ... قد أَخذ الْأجر على كيسه)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا:
(رَوَت عَنْك أَخْبَار الْمَعَالِي محَاسِن ... كفت بِلِسَان الْحَال عَن لسن الْحَمد)
(فوجهك عَن بشر وكفك عَن عطا ... وخلقك عَن سهل ورأيك عَن سعد)
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة: فِيهَا فِي الْمحرم وسط بِدِمَشْق (طغية وجنغية) من أَصْحَاب تنكز وَكَانَا ظالمين.
وفيهَا: عزل طرغاي، عَن حلب وَكَانَ على طمعه يُصَلِّي وَيَتْلُو كثيرا.
وفيهَا: توفّي الشَّيْخ مُحَمَّد بن أَحْمد بن تَمام زاهد الْوَقْت بِدِمَشْق.
وَتُوفِّي الْملك أنوك بن الْملك النَّاصِر وَكَانَ عَظِيم الشكل.
وفيهَا: ضربت رَقَبَة عُثْمَان الزنديق بِدِمَشْق على الألحاد والباجر بَقِيَّة سمع مِنْهُ من الزندقة مَا لم يسمع من غَيره لَعنه الله.
وَتُوفِّي الْأَمِير صَلَاح الدّين يُوسُف بن الْملك الأوحد، وَكَانَ من أكَابِر أُمَرَاء دمشق وَمن بقايا أجواد بني شيركوه، وَكَانَ تنكز على شممه بِدِمَشْق ينزل إِلَى ضيافته كل سنة فينفق على ضِيَافَة تنكز نَحْو سِتِّينَ ألف دِرْهَم.
وفيهَا توفّي السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن الْملك الْمَنْصُور قلاوون الصَّالِحِي رَحمَه الله تَعَالَى وَله سِتُّونَ سنة بعد أَن خطب لَهُ بِبَغْدَاد وَالْعراق وديار بكر والموصل وَالروم، وَضرب الدِّينَار وَالدِّرْهَم هُنَاكَ باسمه كَمَا يضْرب لَهُ بِالشَّام ومصر، وَحج مَرَّات وَحصل لقلوب النَّاس بوفاته ألم عَظِيم فَإِنَّهُ أبطل مكوساً، وَكَانَ يستحيي أَن يخيب قاصديه، وأيامه أَمن وسكينة وَبنى جَوَامِع وَغَيرهَا لَوْلَا تسليط لُؤْلُؤ والنشو على النَّاس فِي آخر وقته وعهد لوَلَده السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور أبي بكر فَجَلَسَ على الْكُرْسِيّ قبل موت وَالِده، وَضربت لَهُ البشائر فِي الْبِلَاد.
ولي من تهنئة وتعزية فِي ذَلِك.
(مَا أَسَاءَ الدَّهْر حَتَّى أحسنا ... رق فاستدرك حزنا بهنا)
(بَيْنَمَا البأساء غمت من هُنَا ... وَإِذا النعماء عَمت من هُنَا)
(فَبِحَق أَن يُسمى محزنا ... وبصدق حِين يدعى محسنا)
(فلئن أوحشنا بدر السما ... فَلَقَد آنسنا شمس السنا)
(علما أبدله من علم ... ظَاهر الْأَعْرَاب مَرْفُوع الْبَنَّا)
(فجزى الله بِخَير من نأى ... وَوُقِيَ من كل ضير من دنا)
أجل وَالله لقد الدَّهْر وَأحسن وأهزل وأسمن وأحزن وسر وعق وبر إِذْ أصبح الْملك وَبَاعه بفقد النَّاصِر قَاصِر قد ضعف أَرْكَانه وَمَات سُلْطَانه فَمَا لَهُ من قُوَّة وَلَا نَاصِر فأمسى