وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة قيد الْأَمر شهَاب الدّين أَحْمد بن الْحَاج مغلطاي القرا سنقري وَحمل إِلَى دمشق فسجن بالقلعة.
وَكَانَ مشد الْوَقْف بحلب وحاجباً، وَكَانَ قبل هَذِه الْحَادِثَة قد سعى فِي بعض الْقُضَاة وَقصد لَهُ إهانة بدار الْعدْل فَسلم الله القَاضِي، وَأُصِيب السَّاعِي الْمَذْكُور، وَرُبمَا كَانَ طلبه من مصر يَوْم سَعْيه فِي القَاضِي ثمَّ خلص بعد ذَلِك وأعيد إِلَى حلب وَصلح حَاله.
وفيهَا: توفّي بِدِمَشْق ابْن علوي أوصى بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم تفرق صَدَقَة وبمائتي ألف وَخمسين ألفا تشتري بهَا أَمْلَاك وَتوقف على الْبر فَاجْتمع خلق من الحرافيش والضعفاء لتفريق الثَّلَاثِينَ ألفا ونهبوا خبْزًا من قُدَّام الخبازين فَقطع أرغون شاه نَائِب دمشق مِنْهُم أَيدي خلق وَسمر خلقا بِسَبَب ذَلِك فَخرج مِنْهُم خلق من دمشق وَتَفَرَّقُوا بِبِلَاد الشمَال.
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة ضرب نيروز بالنُّون نَائِب قلعة الْمُسلمين قاضيها برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مَمْدُود واعتقله ظلما وتجبراً، فَبعد أَيَّام قَليلَة طلب النَّائِب إِلَى مصر معزولاً، ويغلب على ظَنِّي أَنه طلب يَوْم تعرضه للْقَاضِي فسبحان رب الأَرْض وَالسَّمَاء الَّذِي لَا يهمل من استطال على الْعلمَاء.
قلت:
(قلت لأهل الجاه مهما ... رمتم عزا وَطَاعَة)
(لَا تهينوا أهل علم ... فَإِذا هم سم سَاعَة)
وَفِيه: فِي الْعشْر الْأَوْسَط من آذار وَقع بحلب وبلادها ثلج عَظِيم، وتكرر أغاث الله بِهِ الْبِلَاد، واطمأنت بِهِ قُلُوب الْعباد، وَجَاء عقيب غلاء أسعار وَقلة أمطار.
قلت:
(ثلج بآذار أم الكافور فِي ... مزاجه ولونه والمطعم)
(لولاه سَالَتْ بالغلا دماؤنا ... من عَادَة الكافور إمْسَاك الدَّم)
وفيهَا جَاءَت ريح عَظِيمَة قلعت أشجاراً كَثِيرَة، وَكَانَت مراكب للفرنج قد لججت للوثوب على سواحل الْمُسلمين فغرقت بِهَذِهِ الرّيح، وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال.
قلت:
(قل للفرنج تأدبوا وتجنبوا ... فالريح جند نَبينَا إِجْمَاعًا)
(إِن قلعت فِي الْبر أشجاراً فكم ... فِي الْبَحْر يَوْمًا شجرت أقلاعاً)
وفيهَا: توفّي الشَّيْخ الْحَاج إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن العزازي بعزاز، كَانَ لَهُ منزلَة عِنْد الطنبغا الْحَاجِب نَائِب حلب، وَبنى بعزاز مدرسة حَسَنَة، وسَاق إِلَيْهَا الْقَنَاة الحلوة وانتفع الْجَامِع وَكثير من الْمَسَاجِد بِهَذِهِ الْقَنَاة، وَله آثَار حَسَنَة غير ذَلِك رَحمَه الله تَعَالَى.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة: وقراجا بن لغادر التركماني وجمائعه قد شغبوا واستطالوا ونهبوا، وَتسَمى بِالْملكِ القاهر وَأَبَان عَن فجور وحمق ظَاهر وَدَلاهُ بغروره