٦ - ولعظمه كذلك أيضًا ألهمه صفوته من خلقه وأكرمهم عليه وتعبدهم به وهم رسله وأنبياءه.
فهذا أول رسل الله إلى خلقه نوح -عليه السلام- بعد أن أتم الله عليه نعمة صناعة الفلك لينجو فيها هو ومن آمن معه من قومه، أمره الله بحمده فقال له: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨)} [المؤمنون].
وهذا خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام- بعد أن أتم الله عليه نعمه يلهمه الله حَمدَهُ فيقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٩)} [إبراهيم].
وها هو نبي الله داود وولده سليمان -عليهما السلام- يخبر الله عن حمدهما له على آلائه ونعمه فيقول: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥)} [النمل].
وها هو أكرم خلق الله وأحبهم إليه يأمره ربه بحمده والثناء عليه فيقول له: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (١١١)} [الإسراء]، والحمد هنا في آية الإسراء مقترن بالتوحيد، والأنبياء هم أعبد الخلق للخالق وأعظمهم تحقيقًا للتوحيد.
(١) النسائي في الكبرى (٩٩٧٥)، والترمذي (٣٠٧٦)، وابن حبان (٦١٦٤)، والحاكم (٢١٤) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٣٣٦٨)، والوادعي، في الصحيح المسند (١٤٢٥) وقال: صحيح على شرط مسلم.