للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعنى {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}: أي: «يصلّون لربّهم بحمده وشكره» (١).

وألهمه كذلك سمواته وأرضه وكل مخلوقاته كما قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤٤)} [الإسراء] فقوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} أي: «وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله، {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} أي: لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس؛ لأنها بخلاف لغتكم وهذا عام في الحيوانات والنبات والجماد، وهذا أشهر القولين كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: «كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل» (٢)، (٣)

وألهمه كذلك الرعد فكما قال تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرعد: ١٣].

أي: «ملتبسًا بحمده، وليس هذا بمستبعد، ولا مانع من أن ينطقه الله بذلك» (٤).

وافتتح يوم القيامة بالحمد وختمه به كذلك، قال تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (٥٢)} [الإسراء] {فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} أي: «باستحقاقه الحمد على الإحياء» (٥).

«فيقومون يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، فيوم القيامة يوم يبدأ بالحمد ويختم به» (٦).


(١) جامع البيان (٢٠/ ٢٨٣).
(٢) البخاري (٣٣٦٨).
(٣) تفسير ابن كثير (٥/ ٨٠).
(٤) فتح القدير للشوكاني (١/ ٧٢٥).
(٥) تفسر القرطبي (١٠/ ٣٧٦).
(٦) تفسر القرطبي (١٠/ ٢٤٨).

<<  <   >  >>