للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للعبد من حال إلى حال، ولا قوة له على ذلك إلا بالله، وهذه كلمة عظيمة وهي كنز من كنوز الجنة، فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات، وترك المحظورات، والصبر على المقدورات كلها في الدنيا وعند الموت وبعده من أهوال البرزخ ويوم القيامة، ولا يقدر على الإعانة على ذلك إلا الله -عز وجل-، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله أعانه.

وفي الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز» (١).

«ومن ترك الاستعانة بالله، واستعان بغيره، وكله الله إلى من استعان به فصار مخذولًا.

كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: لا تستعن بغير الله، فيكلك الله إليه.

ومن كلام بعض السلف: يا رب، عجبت لمن يعرفك كيف يرجو غيرك؟! وعجبت لمن يعرفك كيف يستعين بغيرك؟!» (٢).

ويُستفاد من كلام ابن رجب -رحمه الله-: أن افتقار العبد وذله لربه واستعانته به استعانة مضطر، إذ لا غنى للعبد عن ربه في جلب النفع ودفع الضر، وهذا الافتقار والذل والاضطرار هو عين العبودية وأسها المتين وهو توحيد الله الذي لا يقبل من خلقه دينًا سواه.

ومما يُعين على تحقيق الاستعانة بالله تعالى أن يعلم العبد مكانة الاستعانة من الدين فهي بمثابة نصف الدين، فنصفه عبودية ونصفه الآخر استعانة، وهذا مصداق قوله سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)}، وأمثلة هذا كثير في كتاب الله كما ساق ابن القيم -رحمه الله- ستة مواضع من القرآن الكريم.

يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-: التَّوَكُّلُ نِصْفُ الدِّينِ، وَالنِّصْفُ الثَّانِي الْإِنَابَةُ، فَإِنَّ


(١) مسلم (٢٦٦٤) من حديث أبي هريرة.
(٢) جامع العلوم والحكم (١/ ٤٨٢).

<<  <   >  >>