للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا أَقْيَسُ وَأَشْبَهُ بِمَسَائِلِ أَصْحَابِنَا

ــ

[كشف الأسرار]

وَلَكِنْ عَلَى قَوْلِ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ بِسَبَبٍ آخَرَ مَقْصُودٍ غَيْرِ النَّذْرِ، وَهُوَ التَّفْوِيتُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ بِالنَّذْرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّفْوِيتَ إنَّمَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نَصٍّ مَقْصُودٍ فَكَأَنَّهُ إذَا فَوَّتَ فَقَدْ الْتَزَمَ الْمَنْذُورَ ثَانِيًا فَعَلَى هَذَا إذَا فَاتَ لَا بِالتَّفْوِيتِ بِأَنْ مَرِضَ أَوْ جُنَّ فِي الشَّهْرِ الْمَنْذُورِ صَوْمُهُ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الْمَنْذُورِ فِيهِ الصَّلَاةُ يَجِبُ أَنْ لَا يُقْضَى عِنْدَهُمْ لِعَدَمِ النَّصِّ الْمَقْصُودِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ.

، وَلَكِنْ مَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَهُوَ تَفْوِيتُ الْوَاجِبِ عَنْ الْوَقْتِ عَلَى وَجْهٍ هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ أَوْ غَيْرُ مَعْذُورٍ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْفَوَاتَ بِمَنْزِلَةِ التَّفْوِيتِ عِنْدَهُمْ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ فَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَحْكَامِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي التَّخْرِيجِ قَوْلُهُ (وَهَذَا أَقْيَسُ) أَيْ قَوْلُ الْعَامَّةِ أَقْرَبُ إلَى الْمَعْقُولِ مِمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ، وَأَشْبَهُ بِمَسَائِلِ أَصْحَابِنَا أَيْ أَوْفَقُ لَهَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا إنَّ قَوْمًا فَاتَتْهُمْ صَلَاةٌ مِنْ صَلَوَاتِ اللَّيْلِ فَقَضَوْهَا بِالنَّهَارِ بِالْجَمَاعَةِ جَهَرَ إمَامُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ وَلَوْ فَاتَتْهُمْ صَلَاةٌ مِنْ صَلَوَاتِ النَّهَارِ فَقَضَوْهَا بِاللَّيْلِ لَمْ يَجْهَرْ إمَامُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِي السَّفَرِ فَقَضَاهَا فِي الْحَضَرِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَوْ فَاتَتْهُ فِي الْحَضَرِ فَقَضَاهَا فِي السَّفَرِ صَلَّى أَرْبَعًا كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي اعْتِبَارِ حَالَةِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ دُونَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا إذَا فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِي الْمَرَضِ الَّذِي يَعْجِزُ فِيهِ عَنْ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَيَقْضِيهَا فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهِ حَالَةُ الْقَضَاءِ لَا حَالَةُ الْأَدَاءِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْأَدَاءَ لَمْ يَجِبْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مَعَ أَنَّ الْأَدَاءَ وَجَبَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَجَبَ بِدَلِيلٍ آخَرَ كَمَا قَالَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ السَّبَبُ فِي حَقِّ الْأَدَاءِ انْعَقَدَ فِي الْفَصْلَيْنِ مُوجِبًا لِلْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِاعْتِبَارٍ يُوهِمُ الْقُدْرَةَ مُجَوِّزًا لِلِانْتِقَالِ إلَى الْخُلْفِ وَهُوَ الْقُعُودُ أَوْ الْإِيمَاءُ عِنْدَ الْعَجْزِ إنْ اخْتَارَ الْفِعْلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

، فَكَذَلِكَ عَمَلُهُ فِي حَقِّ الْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ فَإِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ أَوْ الصِّحَّةِ فَقَدْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ كَامِلَةٌ بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ كَانَ لَهُ فِيهَا وِلَايَةُ الِانْتِقَالِ إلَى الْخُلْفِ عِنْدَ الْفِعْلِ لِلْعَجْزِ، فَإِذَا قَضَاهَا فَهِيَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ بِعَيْنِهَا؛ فَإِنْ وُجِدَ شَرْطُ النَّقْلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْأَدَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ افْتَتَحَهَا فِي الْوَقْتِ قَائِمًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَجْزٌ كَانَ لَهُ أَنْ يُتِمَّهَا قَاعِدًا وَبِإِيمَاءٍ وَلَوْ افْتَتَحَهَا قَاعِدًا ثُمَّ زَالَ الْعَجْزُ كَانَ لَهُ أَنْ يُتِمَّهَا قَائِمًا فَإِذَا ثَبَتَ الِانْتِقَالُ فِي الْأَدَاءِ، فَكَذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ وَهَذَا كَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَيَجُوزُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ السَّبَبَ انْعَقَدَ مُوجِبًا لِلطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فِي الْحَالَيْنِ لِتَوَهُّمِ حُدُوثِ الْمَاءِ مُجَوِّزًا لِلِانْتِقَالِ إلَى الْخُلْفِ، وَهُوَ التُّرَابُ عِنْدَ الْعَجْزِ؛ فَإِنْ أَقْدَمَ عَلَى الْفِعْلِ حَالَةَ الْعَجْزِ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الِانْتِقَالِ إلَى الْخُلْفِ وَإِلَّا فَلَا، فَكَذَا هَذَا بِخِلَافِ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فَإِنَّ السَّبَبَ هُنَاكَ قَدْ تَقَرَّرَ مُوجِبًا لِلرَّكْعَتَيْنِ أَوْ الْأَرْبَعِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ (فَإِنْ قِيلَ) قَدْ ذَكَرْتُمْ أَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَجِبُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْمِثْلِ وَإِلَّا سَقَطَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجْهَرَ الْإِمَامُ فِي قَضَاءِ صَلَاةِ اللَّيْلِ إذَا قَضَوْهَا بِالنَّهَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>