للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] فِي قِصَّةِ الْقَذْفِ وَمِثْلُ قَوْله تَعَالَى {يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} [الشورى: ٢٤] وَمِثْلُ قَوْله تَعَالَى {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: ٧]

ــ

[كشف الأسرار]

وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالضَّرُورَةُ هَهُنَا مَتَى ارْتَفَعَتْ بِالْأَدْنَى وَهُوَ إثْبَاتُ الشَّرِكَةِ فِيمَا تَمَّ بِهِ الْأُولَى لَا يُصَارُ إلَى الْأَعْلَى وَهُوَ الْإِضْمَارُ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِالضَّرُورَةِ مُتَقَدِّرٌ بِقَدْرِهَا إلَّا إذَا اسْتَحَالَ إثْبَاتُ الشَّرِكَةِ " فح " يُصَارُ إلَيْهِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ وَهِيَ قَوْلُهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ الطَّالِقُ الثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِذَلِكَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ وَلَا يَقْتَضِي أَيْ الْعَطْفُ الِاسْتِبْدَادَ أَيْ التَّفَرُّدَ بِالشَّرْطِ كَأَنَّهُ أَعَادَ الشَّرْطَ وَأَفْرَدَ الثَّانِيَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ إفَادَةُ الْكَلَامِ الثَّانِي يَحْصُلُ بِتَعَلُّقِهِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ بِعَيْنِهِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْإِضْمَارِ وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا قَالَ كُلَّمَا حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ كَانَ يَمِينًا وَاحِدَةً حَتَّى لَا يَقَعَ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ كَانَ كَالْمُعَادِ لَوَقَعَتْ طَلْقَتَانِ.

وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لَوْ كَانَ كَالْمُعَادِ لَوَقَعَتْ طَلْقَتَانِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا بِلَا خِلَافٍ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَإِنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى يَتَعَلَّقُ بِدُخُولِ الدَّارِ الثَّانِيَةِ تِلْكَ التَّطْلِيقَةُ لَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ الدَّارَيْنِ لَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةً وَلَوْ اقْتَضَى الْإِعَادَةَ لَطَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ.

وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ تَعَلَّقَ طَلَاقُ الثَّانِيَةِ بِدُخُولِ الْأُولَى حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ طَلُقَتَا جَمِيعًا وَلَا يُجْعَلُ كَأَنَّهُ أَفْرَدَهَا بِالشَّرْطِ وَقَالَ وَفُلَانَةُ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ إذْ لَوْ جُعِلَ كَذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ الثَّانِيَةُ بِدُخُولِ الْأُولَى بَلْ تَطْلُقُ بِدُخُولِ نَفْسِهَا وَفِي هَذَا النَّظِيرِ نَظَرٌ. وَلَا يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَوْلُهُ هَذِهِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَهَذِهِ حَيْثُ لَا تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ فِي خَبَرِ الْأُولَى وَيُجْعَلُ الْخَبَرُ كَالْمُعَادِ حَتَّى طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ ثَلَاثًا وَلَوْ ثَبَتَتْ الشَّرِكَةُ لَطَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثِنْتَيْنِ لِانْقِسَامِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَلِفُلَانٍ يُجْعَلُ الْأَلْفُ مُنْقَسِمًا عَلَيْهِمَا تَحْقِيقًا لِلشَّرِكَةِ وَلَا يُجْعَلُ كَالْمُعَادِ حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ لِأَنَّا نَقُولُ تَعَذَّرَ هَهُنَا إثْبَاتُ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ فِي تَنْصِيصِ الزَّوْجِ عَلَى الثَّلَاثِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَقْصُودَهُ إثْبَاتُ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ وَسَدُّ بَابِ التَّدَارُكِ بِالْكُلِّيَّةِ وَبِالِانْقِسَامِ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ الْمَقْصُودُ فَيُجْعَلُ الْخَبَرُ كَالْمُعَادِ ضَرُورَةً وَلِأَنَّ بِالِانْقِسَامِ يَفُوتُ مُوجَبُ الْكَلَامِ أَصْلًا إذْ لَا دَلَالَةَ لِلثَّلَاثِ عَلَى الْأَرْبَعِ بِوَجْهٍ فَأَمَّا إثْبَاتُ الْمِثْلِ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى فَيُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ قَالَ الْإِمَامُ الْبُرْغَرِيُّ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ أَوْ قَالَ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ أَنَّهُ يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ كَانَ الْخَبَرُ كَالْمُعَادِ لَوَقَعَ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ كَمَا لَوْ كَرَّرَ الشَّرْطَ صَرِيحًا مَعَ تَخَلُّلِ الْأَزْمِنَةِ.

وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَى هَذَا أَيْ إلَى الِاسْتِبْدَادِ ضَرُورَةَ اسْتِحَالَةِ الِاشْتِرَاكِ كَمَا إذَا قَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى الثَّانِيَةِ غَيْرُ مَا وَقَعَ عَلَى الْأُولَى لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا فِي تَطْلِيقَةٍ لَا يَتَحَقَّقُ فَصَارَ الثَّانِي أَيْ اسْتِبْدَادُ الْجُمْلَةِ النَّاقِصَةِ بِخَبَرٍ آخَرَ ضَرُورِيًّا وَالْأَوَّلُ وَهُوَ اشْتِرَاكُ النَّاقِصَةِ فِي خَبَرِ الْأُولَى مِنْ غَيْرِ اسْتِبْدَادٍ أَصْلِيًّا

قَوْلُهُ وَمِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ قَوْله تَعَالَى {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] فَإِنَّهُ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ بِخَبَرِهَا فَلَا يُوجِبُ الْعَطْفُ الْمُشَارَكَةَ فِيمَا تَمَّ بِهِ الْجُمْلَتَانِ الْأُولَيَانِ وَهُوَ الشَّرْطُ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>