فقال: هو لا يمكن لا يمكن، ففتح أولا على الحكاية، وضم ثانيا ليوضح غلطه، وقال رجل أيضا: هذا يَزرى بالمروءة، وفتح حرف المضارعة. فقال له: يَزْرى بالمر والمروءة يُزْرى بالمروءة، ففتح حرف المضارعة أولا على الحكاية، وضم ثانيا ليبين خطأه. وهذا رحمه الله وقع منه على طريق التبكيت لذينك الرجلين. وقد وقع منه هو ما يناقض هذا، فقد خطأه يوما إنسان، وكان يقرأ، فقال له: أتريد مني أن أجمع لك بين القراءة والإعراب، اقرأ أنت، وانظر ما أخطئك أنا فيه، وهذا هو الصحيح. فإن محمد بن يزيد المعروف بالمبرد، لحن يوما في مجلس أحد الخلفاء، فعاب ذلك عليه، وقال له: كيف تلحن وأنت إمام اللغة، فقال له: إن الفصاحة في حقنا تكلف، فإذا جريت على الطبع ألحن، وإذا أحضرت ذهني لا ألحن، فاستحسن ذلك منه، ولو استحضر هذه الحكاية بعض العلماء في مصر، كان أحسن لهم، فإني كثيرا ما حضرت في مجالس بعض أفاضلهم، الذي تتردد عليه العلماء، وله عليهم الفضل الوافر، فإذا قرأ في كتاب، تراهم يردونه من غير أن يعهد إليهم ذلك، ولابد إنه يتأثر في الباطن، لأنه تجهيل له في الحقيقة، ولله در القائل:
ومصلح الشكل لدى حكايه ... غير حديث المصطفى والآيه
من غير إذن منه أو قرينه ... قد فاته الأدب والسكينه
ومن أجوبة مولود الحاضرة، إنه كان في مجمع من أهل الفضل، وكلهم غرباء.
وكان ذلك في شهر رمضان، في آخر ليلة منه، فخرجوا ينظرون الهلال، فقال مولود: يا رب صائمه لن يصومه، وقائمه لن يقومه، كلمة كانوا يقولونها عند انقضاء رمضان، فقال أحد الحاضرين: من هذا الذي لم يبلغ حروف الجر في الألفية، فقال مولود: من ذا الذي لم يتجاوز حروف الجر إلى ما بعدها، يشير الأول إلى قول ابن مالك في حروف الجر:
واخصص بمذ ومنذ وقتا وبرب ... منكراً والتاء لله ورب