للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المأمون]

هو الشاعر المفلق، واللغوي المحقق، اشتهر بجودة الشعر وروايته، وإحكام صنعته ودرايته. سمعت من بعض المشايخ، إنه كان في صباه يتحدث إلى امرأة، يقال لها بشرى، فلما أسنا وتقلب عليهما الدهر، ونسيا ما كان، اجتمع بالمأمون بعض معاصريه، فأراد أن يختبره. فقاله له: إن بشرى ستنزل هنا عاجلا، كالمستهزئ به، فقال:

بشرتموني على أنْ مَسَّني الكِبرُ ... مِلَء الجوانح بشري دونها البُشَرُ

بُشرى نحادَث عنها لركبُ أنْ زَمَعت ... بصوْبنا سَفراً يا حبذا السفرُ

قالوا مَنِ المتغنّة بعدَ شَيْبتِهِ ... فنلتُ هاأنذا المأمونُ لا نُكرُ

وكان يهاجي المختار بن بون، وكان يؤلمه أكثر من غيره من شعراء قومه، روى أن المختار قال: لم يضيعني إلا أبو لفريرات، أي الساقط الأسنان، يعني المأمون. ومما قال فيه:

قد جرت معتسفاً يا هادي الطُّرُقِ ... وإنه البحر لا يقتلك بالغَرَقِ

أكثرتَ حزّكَ لوْ دَرَيْتَ مَفْصِلهُ ... فادْرِ المَاصِلَ قبلَ الحزّ واسْتفق

ما الدينُ إلا الذي تسعى لتُوهنهُ ... آي النبيّ وآثارُ الهدى العتقِ

لا كلُّ خبْطٍ عنِ اليونانِ مبتدعٍ ... قدْ سُنَّ بين أصولِ الدين مُختلقِ

نَحمْي قوعدَ رَسطاليس تحسبُها ... دِيناً لك الويلُ نبّهاك فاستفقِ

إنْ قلْتَ ساغتْ لمنْ تمت قريحتُهُ ... أو أن تُخلَّصْ لنا منْ مُسلم تَلقِ

رُدَّا بأنّ أبا حفص قد أوْرَدَها ... وردّها المصطفى منه على تأقِ

كما البخاريُّ في التوحيد أخرجه ... والحبر أحمد والبزار في طرق

<<  <   >  >>