كانت إدوعيش أهل ظفر في حروبها، فلذلك كان يقال لهم مفنيين الدول، أي مبيدوهم. لأنهم أبادوا أبناء امبارك، وكانت السيطرة لهم، ولأنهم قد كسروا الترارزة، أعني قبل عصر اعل بن محمد لحبيب بكثير، وأما أبناء احيى من عثمان، فأمرهم معهم مشهور، من السيطرة عليهم.
وكانت إدوعيش يدا واحدة، تحت رئاسة أهل اعمر بن امحمد، ويقال لهم أهل امحمد بن خونه، وكان أشهر رؤسائهم، محمد بن امحمد شين، وكان عادلا، وكان يعتقد كفر قومه، فلذلك كان يضطهدهم، وتقدمت قصته مع ابن باه، في ترجمة
سيدي محمد بن سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي، ولما مات، تنازع اخوته مع ابنه اسويد أحمد فانقسموا قسمين. قسم يقال له: اشراتيت، ورؤساؤه اخوته، ومعنى اشراتيت: الدببه، لقبوا بذلك، لأكلهم أموال الناس، وقسم يقال له: أبكاك، ومعناه الصمغ الأسود، ولعلهم لقبوا بذلك، لكثرة ما فيهم من أطراف الناس، ويرأس هذا القسم، أسويد أحمد بن محمد بن امحمد شين، فتغلب اسويد أحمد على أعمامه، وتولى بعده أخوه سليمان، فغدره ابن أخيه المذكور، واسمه محمد بن اسويد أحمد والد سيد أحمد لبات، الفارس المشهور، فغدره عبد لكنته، فتولى بعده أخوه بكار، الذي ملأ صيته أرض شنقيط، وقد اشتهر بالصبر، وسياسة الحرب، وإكرام الزوايا، ولم يدخل إدوعيش أكرم منه، وطال عمره، وكثرت أولاده، وقتله فرانسة، بعدما جاوز المائة، وقد بلغنا ذلك، ونحن بمصر، وكان ذلك آخر أمر إدوعيش.
[الكلام على أولاد امبارك]
تقدم أن أبناء امبارك، كانوا هم أهل الشوكة، حتى تغلبت عليهم قبائل إدوعيش، ومن انضم اليها، وكانوا أهل أبهة عظيمة، وكرم وعدل ومما يحكى عنهم من النخوة، أن أحدهم كان يعتاد أن يدخل على أمه في كل ضحوة، فيجد عندها