جميع شمامه حتى يغطى أكثر أشجارها التي تقدم وصفها، فإذا كان السيل جاهلا (أي كثيرا) فذلك دليل على سيل حباية، التي تقدمت، ويكون سيلها بعد رجوعه من شمامه، هكذا يقولون. وبعد أن تجف شمامه، يبتدئ أهلها في زرعها، ويكون ذلك غالبا في شهر يناير.
وهواء شمامه، رديء جدا، وماؤها مضر استعمالا وشربا. وهي أرض خصبة بالنسبة إلى ذلك القطر، قريبة من قرى فرانسة. وقد قال بض الأدباء في صفتها:
صاح شمّر معي بكورَ غراب ... نسترح من بلاد بوله وجانب
سئم القلب ماؤها وغضاها ... واكتفى من غَنيمها بالإياب
كل أرض لأهلها جعلت شا ... ما وشامام أهلها في العذاب
انتهى بنا الكلام على شنقيط وتخطيطها وبلدانها، بحسب ما علمناه. وهنا نتكلم على سكانها وجنسيتهم، وبعض شئونهم.
[الكلام على سكان شنقيط وجنسهم]
سكان شنقيط من حيث الجنس: في الأصل قبائل من البربر، التي كانت تقطن صحراء الغرب. ثم دخلها العرب في الفتوح الإسلامي، وتغلبوا عليهم. فصاروا قسمين: عرباً، وبربراً. ثم تجنسوا جنسين: الزوايا، وحسان. وانقسمت قبائل حسان إلى قسمين: العرب، واللحمة. فصار بهذا الاعتبار سكان شنقيط، ثلاثة أجنس، فالأول: كان يتوغل في البلاد، ينشر فيها دين الإسلام، وهم المجاهدون. والثاني: اشتغل بإحياء العلوم. والثالث: اشتغل بإصلاح الأموال، وكان يدفع للمتعلمين الزكاة، ويعطى الإعانة للمجاهدين. فغلبت على الأول حسان. وعلى الثاني الزوايا. وعلى الثالث اللحمة. فلما وضعت الحرب أوزارها، واجتمعت هذه الطوائف، بقى الزوايا على شأنهم من طلب العلم،