يعرف عند غيرهم، مثل الياء المكتوبة هكذا (ي) يقولون: أي انظرزه. ولا أدري من أين أخذوه، ويقولون في النون التي تكتب هكذا (ن) النن أعْرك، وحتى أن بعض الأدباء، شبه حظيرة على حرث بها، فقال يذكر دارا:
أمست لِسيدان الفلا مألفا ... وكلَّ حرث مثل نونٍ عَرَكْ
إلا إنه حذف الألف ضرورة، أو لغة لم أسمعها، ويقولون في هاء الضمير التي تكتب مثل هاء ضربوه: أهذونْ. وفي التاء التي تكتب هكذا (ة) التذوت. ويعبرون بالصط: موضع الصاد، والضط: موضع الضاد. وهم مختلفون في ذلك، فمنهم من يقول: الكسرة موضع يا انطرزَّه، ويستمر التعليم في القرآن، إلى أن يبلغ الصبي، أو نحو ذلك، أعني إذا لم يحفظ القرآن قبل ذلك، فإن حفظه إما أن يشتغل بعلم القراآت، ويسمونه التجويد، وإما أن يبقى يكرر تلاوة القرآن، لئلا يضيع من حفظه، ويقولون: أيطيب صراته، بمعنى سوره، جمع سورة، هكذا ينطقون. فإن بلغ الحلم، يبدأ في غير القرآن، وتختلف الناس إذ ذاك، بحسب البلدان والقبائل. أما أهل آدرار وتكانت ومن حذا حذوهم، فإنهم يبدءون بالأخضري وابن عاشر والرسالة ثم الشيخ خليل. وأما أهل القبلة، فإنهم يختلفون في ذلك أيضا، ففيهم البعض، يقرأ بعض دواوين العرب، قبل البلوغ، ثم العقائد الأشعرية، ويمضي سنين عديدة في إتقان تآليف السنوسي، حتى لا يبقى عليه منطوق ولا مفهوم، ليصير عندهم مؤمنا حقيقة، وإلا فإنه إذا كان لا يقدر على معرفة أنواع الصفات، وتعيينها بالألفاظ المتداولة عندهم، فهو عرضة للكفر، ثم يقرؤونه النحو والفقه. وفيهم مواضع، تتأنق أهلها في البيان والمنطق، ولكل جهة اعتناء ببعض العلوم، أكثر من غيرها.
[تعب العالم في شنقيط وما يكابده من المشاق]
إذا نظرت إليه من جهة التدريس، تجده يكابد من الأتعاب ما لا يحصى،