للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنوطة به، فيتغرب لذلك، إذ لا يهمه إذا كان غريبا، غير شؤون نفسه. أما ما يعيش به، فأكثر أن يأخذ بقرة حلوباً، أو بقرتين إلى ثلاث، إلا أن الثلاث لا يقدر عليها إلا القليل، وهكذا أغلب من يتغرب. وإذا كان الشيخ صاحب إبل، يذهب الطالب بناقة أو ناقتين إلى ثلاث، فإذا اجتمعوا عند شيخ يكونون طوائف، كل طائفة تشترك فيما عندها، لا فارق بين من عنده واحدة، أو ثلاث. فيحلبون واحدة مثلا، ويحلِّقون كل يحسو حسوة، ويناول الآخر وهكذا. أما ما يسكنون فيه من الأمكنة، فيصدق عليه قول بعضهم:

تلاميذ شتى أَلَّف الدَّهْرُ بينهم ... لها همم قصوى أجَلُّ من الدَّهرِ

يبيتون لاكِنٌّ لديهم سوى الهوى ... ولا من سرير غير أرمدة غبر

ويتناوبون رعي مواشيهم، فيخرج أحدهم اليوم يرعى الإبل، ويأخذ كتابه أو لوحه، يظل يقرأه، ثم يخرج غيره بعده، وهكذا حتى يدور ذلك عليهم. وقد يوجد شخص معه عبد، يرعى له نياقه، وهذا قليل جدا. وإذا كانت الطلبة أهل بقر: يتناوبون الورود على المنهل لسقيها لأن البقر يشرب كل يوم، بخلاف الإبل، فإنها في أيام الصيف، تغب يومين أو ثلاثة، وفي غيره أسبوعا وأسبوعين، إلى الشهر أو الشهرين، وقد تمكث ثلاثة أشهر لا تشرب، إذا كانت الأرض مخصبة.

ومما يحكى عن تلاميذ أهل محمد سالم المجلسيين: أن أحدهم كرع في ماء يشرب منه، فنقرته وليدة وقالت له: أنت شربت أمس، ولا يشرب في هذا اليوم، إلا من لم يشرب أمس. وكان ذلك في شدة الحر.

[التجارة في شنقيط]

إن التجارة في شنقيط، كانت في القديم رائجة. وأعظم ما يتجرون به الملح إلى السودان. يقال: أن العبد كان يباع بحذائه، أي نعله. وذلك أن الملح يقطع على هيئة اللوح الكبير، فيشد بالحبال، ويوضع على ظهر الجمل، فإذا صار إلى

<<  <   >  >>