من الأنيس، وليس به إلا غابة عظيمة، فهموا بالإقامة فيه، فيقال: ان ذلك الصالح قال لهم: إ أتوني بشيء من تراب بطحائه، فأتوه بشيء من حصبائها فشمه، فقال لهم: ارحلوا عن هذا الوادي فإنه جيد لغرس النخل، إلا أن أهله لا يطيب لهم: فرحلوا عنه، والله أعلم بحقيقة ذلك، ويدل على صحة قوله، إن أهله بعد عمارته كثيرا ما تركوه خاليا كما تقدم.
ثم إن العلويين رحلوا ونزلوا قريبا من وادي انتمتاكث، وهو واد بين تيججكه، والرشيد، فقال لهم: أعطوني ترابه أشمها، فأتوه بها، فقال لهم: إن هذا الوادي سبق في علم الله إنه لا يعمر، ثم نزلوا تيججكة، فأتوه بترابها أيضا، فقال لهم: هذا بلد مبارك، انزلوا على بركة الله، فنزلوا وابتدءوا يقطعون الشجر، وكان في الوادي غابة عظيمة، وليس به من الناس إلا أولاد طلحة، وهم قبيلة من إدوعيش فجعلوا يقطعون لهم الشجر، ولما شرعوا في بناء الدور، جعلوا يحملون لهم الحجر على رءوسهم، وجعلوا لهم في مقابل ذلك خمسة أمداد من التمر، في كل سنة، عن كل دار، وهم يأخذونها إلى أن خرجت من هنالك سنة ١٣١٥ هجرية.
[الكلام على صفة تيججكة]
هي مدينة على ضفة البطحاء، التي تمتد بين الجبال من جهة الشرق مغربة، إلى أن تتجاوز الرشيد، وعدد دورها نيف وأربعمائة دار، ولها جامع واحد في وسطها، وهي على مكان مستو صلب.
ونخل تيججكه، فيه الجيد والوسط، ورديئه قليل، ويحتاج إلى السقي دائما، وهو متفاوت في ذلك، بحسب جودة الأرض ورداءتها، وفي تمرها خصوصية، وهي إنه يقطع بأعذاقه قبل النضج. فيترك أياما في محل لا تمسه الريح، ثم ينشرونه في الشمس، فيستوي بهذه الحالة، كما شاهدناه مرارا، ويقرب من تيججكه:
(آدّرْكْ) وهو جبل أسود، وبجانبه مما يلي تيججكه، رمل دهس يمتد