لا بُرْدةُ الشباب أنهجتْ ولا ... جَدُّ المحبّ في الهوى بالعاثرِ
وكم ليالٍ بتُّها في جنةِ ... الهوى بأمثال الدُّمى السوامر
في خَلقها وخُلقها ما تشتهي ... نفسي وما يلذ كلَّ ناظرِ
بيضِ الترائبِ حسانٍ خُرَّدٍ ... هيْفِ الخصورِ رجَّحِ الأواخر
أمسى فؤادي من هواه مُدْنَفاً ... وفاض دمع العينِ كالمواطر
أرومُ كِتمانَ الهوى وأدْمعي ... تبُوحُ بالمكنونِ في الضمائرِ
وكيف إخفائي الغرامَ بعدَما ... أبديتُ من مستْودِع السرائر
لا حَبذا من لامني في حبهِ ... وحبذا منْ في هواه عاذري
فإن يكنْ عنْ ناظرِي مغيباً ... فشخصُهُ مصوَّرٌ في خاطري
يا منْ يلومُ في الهوى مهلا فما ... لوْمُكَ يُسليني ولا يضائري
داءُ الهوى صعْبُ الشفاء مالَهُ ... غيرُ الحبيبِ من طبيبٍ ماهر
هيهاتَ أن تشفيك من داءِ الهوى ... فُتَيَّةٌ نَقيةُ المآزر
لطيفةُ الكشحينِ خَوْدٌ خَدْلةٌ ... رَوْدٌ رَداحٌ بضّةُ النّواشر
ريا الروادف أباةٌ طفلةٌ ... مِلءُ الحجا والعين والأساور
فإنْ مشَتْ فغُصنُ بانٍ ناعمٍ ... وإن رنَتْ ترنو بطرْفٍ ساحر
لها مُحّيا مشرقٌ ومنِطقٌ ... كقهوةٍ في مسمع المحاورِ
وبَشرٌ مثلُ الحريرِ ليّنٌ ... وجيدُ ظبيٍ من ظِبا المشاقِرِ
يلوح صبحُ وجهها إذا بدتْ ... في ليلِ قرْعٍ أسحمِ الغدائر
زانَ الجواهِرَ بهاءُ نحرِها ... وغيرها يزانُ بالجواهرِ
وكان في أواسط القرن الثالث عشر.
غالي بن المختار فال البُصاري
كان من أعيان علماء شنقيط، وهو عقد قبيلته الوسيط، اشتهر باللغة والسيرة، وكان فاضلا دينا، وفيه يقول حرم بن عبد الجليل العلوي أبياتا، أوُّلها: