بين السماء والأرض، وكانوا إذا أرادوا حمل الملح من شنقيط، يظمئون الإبل حتى تتعود على الشرب، بعد عشرين يوما أو نحو ذلك. ويحمل كل رجل ما يسقيه في المزاد الجيدة، ويكون ذلك في فصل الشتاء، وربما نفد على الرفقة الماء، فينحرون الإبل، ويأخذون ما حوته بطونها، ويعلقونه في كروشها، ويوقدون تحته النار، فإذا صفى ماؤه، يتركونه حتى يبرد فيشربونه، وقد فعله خالد بن الوليد رضي الله عنه في زمن الردة، لما توجه بعد وقعة اليمامة إلى نواحي العراق. وكان دليله رافع الصحابي، المعروف بالهداية. وقد تضل الرفقة في لمرية، فتهلك عن آخرها، ويقولون: إن الدليل فيها إذا سار مع الركب يتقدمهم، فيتبعونه ولا يكلمهم، خوفا ان يذهل فيهلكوا، وهي مسيرة عشرة أيام.
[الكلام على تيشيت]
(تِيشِيتْ) مدينة مشهورة بعد تكانت، قريبة من الحوض، بينها وبين تيججكه نحو خمسة أيام، وبها نخل. وأهلها أدرى من أهل تلك البلاد بالتجارة، وهي أقرب مدن تلك البلاد للسودان، وكان أهلها ثلاثة أقسام، قسم يقال له: الشرفاء، وقسم يقال له: إماسْنَهْ. وقسم يقال له: أولاد بلّهْ. فوقعت حرب بين القسمين الآخرين، فخرج أبناء بله، وبنوا بلدة آغْرَيْجيتْ.
(آغْرَيْجيتْ): مدينة لأبناء بله، وبها نخل ليس بالكثير، وعمارتها قريبة من هذا العصر.
(ولاتَه) مدينة مشهورة، وهي آخر مدن شنقيط مما يلي بنباره. وأهلها عرب،
وجلهم أو كلهم من الزوايا، وفيها علم وصلاح. ولأهل لمْحَيْميدْ عليها سيطرة، وهم من حسّان، وأصلهم من اللحمة. وكانوا يعطون المكس لإدوعيش، فحاربوهم حتى تخلصوا منهم، وتركوا أرضهم، ولجئوا إلى الحوض، فكثروا وكثرت مواشيهم، وانتشر ذكرهم، وكل ذلك بعزم محمد محمود ابن لمحيميد.