تصافا للقتال. فصبر بعضهما لبعض حتى ارتفع النهار. فانهزم إدابلحسن، وتركوا كثيرا من أبطالهم في المعركة، وممن مات منهم الأحول الشاعر، وتقدمت ترجمته، وهمر بن اتكيرير البوعلي، ثم التائبي، وإبراهيم بن محمد بوَّهْ، وهو قريب من الذي قبله، والباشا اليوسفي، ولم يمت من إدوعل سوى الأمين من أحمد محمود، المعروف باكيصاص، وكان من الأبطال، وأحمد بن المختار نلمين، أخو الطفيل المتقدم، وعبد اللامين بن المزدف، وكان محمد فال بن حمين، ذبح اللج بن البوساني البوحسني، فظن إنه أتى عليه، فلما خلاله الموضع، وقت مطاردة الناس لقومه، ربط موضع الذبح لئلا يقطر دمه، فيقتفوا أثره، واختفى ناحية خوفا من أن يذفوا عليه. ثم إنه برأ بعد مدة، فصارت الناس تعيره هو وأبناءه بذلك، وهذا حيف كبير، فإن دريد بن الصمة، فارس هوزان، قد وقع فيه مثل هذا. ولم نر من عيّره به ولم يمثل إدوعل بأحد من القتلى، غير همَّر بن انكيرير، لنكايته فيهم. ولأنه من حسان. وكانوا يسمون هذا اليوم بدراً الكبرى. إلا أن بدراً، كان أول وقعة. وهذا آخرها. فاصطلح القوم، ولم تزل الضغائن كامنة في صدور الفريقين إلى هذا الوقت.
[حرب كنته وإدولحاج]
بعد أن انقضت حرب أحل شنقيط، وأهل وادان، وكانت الحرب أولا، بين إدوعل وإدولحاج، وكان إدولحاج وكنته، كالشيء الواحد، فنصروهم حينئذ أشد نصر، ثم صاروا بعد ذلك، يمنون عليهم بمساعدتهم لهم، ويضطهدونهم. فصبروا لهم كثيرا كما تقدم. قام عبد الله بن سيدي محمود، وشمر عن ساعده، لمحاربة كنته،
ونصره الله عليهم، وطالت هذه الحرب كثيرا من الزمن، وهي أكثر مدة من حرب البسوس، التي وقعت بين بكر وتغلب، فإن تلك استمرت أربعين سنة، كما قال صاحب عمود النسب: