وكان الأغلال اجتمعوا بهذا المحل لقتال تجكانت، واجتمع تجكانت لقتالهم، وكانت عدة الحرب قليلة عند الفريقين، فاتفق أن بطون الأغلال تخاذلت، فمنهم من رحل ليلا تحرجا، وأظن إنه لم يشهد تلك الواقعة منهم، إلا أولاد يبوية، وكان قدم إليهم أحمد المقري المذكور ببارود كثير، فلما رأوا خذلان قومهم إياهم، باتوا يشعلون البارود، ليرهبوا تجكانت. فظن تجكانت أن لهم قوة لا يقدرون على مقاومتها، فرحلوا ليلا، فاقتفوهم وقتلوا منهم كثيرا، وطلب أحمد المقري من الأغلال بعد ذلك، أن ينصروه في حرب إدابلحسن، فلم يفعلوا، فذلك سبب مفارقته إياهم.
[حروب انبيز]
انبيز: موضع اجتمعت فيه إدوعيش، ومظوف، وأولاد الناصر، وأهل سيدي محمود، وكنته، وتجكانت، لحرب الأغلال. وسبب هذه الحرب: أن الأغلال، كثروا في أرض الحوض، وكثرت الدخلاء فيهم والأشرار، ودخلت فيهم أولاد امبارك، بعدما أجلاهم إدوعيش عن تكانت، وقتلوا منهم من قتلوا، وكان يجنى عليهم الدخيل فيهم جناية من هذه القبائل المذكورة، فينسب ذلك للأغلال، وربما أخذ أولاد امبارك سفهاء من الأغلال، وشنوا بهم الغارة على بعض القبائل المتقدمة، باسم الأغلال. فتمكنت العداوة بينهم، وبين جميع القبائل، فرحلوا إليهم من كل جهة عن مؤامرة، وكال الأغلال بلغهم ذلك، فاجتمعت بطونهم. وكان هذا في آخر الخريف، في شهر يعرف عندهم بالاوه. أي حيث يلوى البقل من شدة الحر. وكانوا نازلين عند انبيز. فمكثوا سبعة أيام يتضاربون بالرصاص. وكل بطن من الأغلال يضارب قبيلتين. فحالت الجموع بين الأغلال والماء. فحلوا عقل إبلهم ليلا. وتعلقوا بأذنابها. فأقحمتهم إبلهم الناس، حتى أمكنهم الفرار. ومات