هو العالم الذي لا يغلب في الحجاج، الشقروي، ثم القدمى. تفنن في اللغة والكلام، وغير ذلك. وكان جريئا، سليط اللسان، تخافه الناس. وشذّ في أقوال، أوجبت له ان يرمى بالزندقة، من أهل وقته. قالوا: أنه كان يأمر تلامذته بالأكل في رمضان، ما لم تطلع الشمس، وأنه كان يقول لهم: أمفروا، في ألفاظ يأمرهم أن ينطقوا بها. ثم يقول: إني سأردكم إلى الإسلام. وكان يقول: إن الطلاق بالثلاث، إذا وقع دفعة واحدة، لا يكون إلا واحدة.
وقد ألف العلامة محنض باب الديماني في تضليله. وقيل: إنه كفره، وأكثر العلماء يعتد عليه بما تقدم، ويحط من قدره لذلك، وليس من الصواب تكفيره بمسألة الطلاق المتقدمة للخلاف فيها. فإن شيخ الإسلام ابن تيمية، كان يقول بها أيضا. وذكر الشيخ عليش في حاشيته على الدردير، ما يفيد أن فيها خلافا، ولفظه: والإجماع على لزوم الثلاثة، إذا أوقعها في لفظ واحد. نقله ابن عبد البر وغيره، وفيه نظر، لقول ابن سلمون: اختلف في الطلاق، إذا أوقعه ثلاثا في كلمة. فقيل: انه يلزمه طلقة واحدة. فإن الله تعالى إنما ذكر الثلاث مفرقا، فلا يصح إيقاعه إلا كذلك. وهو قول على، وابن عباس، وجماعة من الصدر الأول. وقال به أهل الظاهر، وطائفة من العلماء. وأخذ به جماعة من شيوخ قرطبة: ابن زنباع، وابن عبد السلام، وأصبغ بن الحباب وغيرهم، من الأندلسيين، وقيل: تلزمه الثلاث، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وهو قول مالك. والذي عليه جمهور فقهاء الأمصار وجل العلماء.
وسئل ابن رشد: في كتاب عقد وثيقة برجعة من الطلاق المذكور دون زوج، فقال: هو رجل جاهل ضعيف الدين، فعل ما لا يسوغ بإِجماع من أهل العلم. إذ
ليس من أهل الاجتهاد، فيسوغ له مخالفة ما أجمع عليه فقهاء الأمصار. وإنما يجب عليه تقليد العلماء في وقته، ولا يسوغ له ان يخالفهم برأيه، فالواجب أن