يا نوتىَ البحرِ سرْ بها على مهل ... يا بحرُ رهواً ألم يشغلك مرآها
أودعتها للذي تحظى ودائعهُ ... كما أوْدعت أم موسى قبل موساها
هذا ما رويت من شعره.
[أحمد بن أمين بن الفراء التندغي]
عالم مشارك في فنون، كالنحو، والفقه، والبيان. وله معرفة بالعروض عظيمة، ما أظن أحدا في هذا العصر يبلغها. ولا جمع أحد من كتبه، ما اجتمع عنده، وكان يتقن أربعة ألسن: العربية، والحسانية - وهي العامية الموجودة هناك، وهي نوع من العربية، وإن كان كثير منها ليس بعربي، كما هو واقع في لغة أهل المشرق - واللغة الشلحية، المعروفة هناك بكلام آزناك، والسودانية المعبر عنها عند العرب هناك، بكلام لكوَرْ. ولا أظنه إلا يعرف لغة إفلان، وكانت له منزلة عظيمة عند
رؤساء السودان. وتولى القضاء لتين رئيس بول.
وكان رحمه الله، جوادا ظريفا مزاحا كثير البشاشة، يجيد ركوب الخيل والسباحة وبالجملة، فإنه من فتيان وقته وبلغنا موته بمصر، في نحو ثلاث وعشرين وثلاثمائة وألف. وله شعر متوسط ومن شعره:
ألا ليتَ شعري هل أبيتنَّ ليلةً ... بأمِّيجرانٍ حيث حلت بها دعدُ
وهل لي مقيلٌ ها هناك بأثلها ... وهل لي مساء بالأضية من بعدُ
فيخشى رقيب كان في البيت حولنا ... صواعق رب لا تَجُور ولا تعدُ
فيعدُو وما يعدُو عن الله موقنٌ ... فما لي أرى ذاك الرقيب إذا يعدو
وأوعد إذ نخلو بدعد وليتني ... علمت متى ينجزْ لها ذلك الوعْدُ
تماطلني بالوعدِ دعد وطالما ... أتى دون الأدنى من مواعيدها البعد
وله أنظام كثيرة في النحو والعروض، رحمه الله رحمة واسعة.