كان رئيسا بعد صاحبه. ويقال: انهم ما مات منهم رئيس، إلا بالغدر من أهل بيته وقومه، وهم متغلبون على الترارزة كلهم. ولا يعاندهم منهم إلا أبناء دامان. فإنهم من قديم، يحاربونهم وتكون الحرب بينهم سجالا، ثم تختم بنصرهم. ويقال: إن أحد رؤساء بني دامان، حضره الموت، فبعث إلى الشبان من قومه، وكشف لهم عن جسده، وأراهم آثار الرصاص في كل عضو من أعضائه. وقال: اعلموا أن الرصاص لا يقتل ما لم يصب هذا الموضع. ووضع إصبعه على ناصيته، وانحدر ماراً بها بين عينيه، ومنخريه وترقوتيه، إلى أن وصل إلى بطنه. ثم قال: أوصيكم بعدم الصبر لبني أحمد من دامان. فإن قتلوكم صباحا، فاقتلوهم مساء. وإن قتلوكم مساء، فاقتلوهم بكرة. ومات بعد هذا، وقد عملوا بوصيته، وإذا أراد أحد بني أحمد من دامان، أن يحارب رئيسه انضم إليهم، إلا أنهم لم يفلح منهم أحد، بسبب بغضهم
عند عامة الترارزة، غير اعمر سالم بن محمد لحبيب، ثم إنهم صاروا شؤماً عليه في الآخر، كما يأتي:
[الكلام على حروب الترارزة]
ما وقع بين الترارزة مع غيرهم، لا يذكر بالنسبة لما وقع بين بعضهم وبعض. فقد تقدم أن أعيان الترارزة، هم أبناء أحمد من دامان، وتقدم ذكر العداوة بينهم وبين أبناء دامان، وأما ما وقع بين أبناء أحمد من دامان مع بعضهم، فأغلب ذلك إنما هو طلب الملك، مثاله ما وقع بين سيدي بن محمد لحبيب، وأبناء اعل خملش. لما بلغ سيدي المذكور الحلم، كان أبوه رئيسا على الترارزة، وكان عادلا مهيبا، فحسده أخوه أحمد بن الليكاط، فنازعه الملك فنفاه، ثم قتله بعد ذلك. فقال أحمد بن عيده يعيره:
محمد لحبيب السلطان ... إعلَ سمعُ حَتَّ ما عَسْ
أقتل خوه اشكيكُ في المان ... داير بيه أخلاص الملحسْ