يظلمون آباءه، فسرت على نهجهم، وكان سيدي المذكور، يستعمل الحرس، خوفا على نفسه من الغدر. فلما بلغ أخوه أحمد سالم، وكان صاحب بطش، أمن على نفسه من الغير، فترك الحرس، فصارت الشياطين من قومه يقولون له: أنت أحق بالرئاسة منه، لأن لك سبعة أخوة أشقاء، وهو لا شقيق له، وخالك شيخ أبناء دامان، كما ان أباك شيخ على جميع الترارزة، فغدره. وكان اعل ابن محمد لحبيب في أخواله، أعنى السودان، وكانت أمه أميرة من السودان. يقال لها: جنبت. فلما بلغه غدر أخيه، زحف بمن معه من السودان، وانضم إليه كثير من الترارزة، فالتقى معه عند منهل يقال له: إجلَّهْ. وقد تقدم، فهزمه أشنع هزيمة، ولم يزل يتوالى له النصر عليه، حتى أخرجه إلى تكانت، في طائفة من أبناء دامان، فاستعان بادوعيش
عليه، فأمدوه بجيش، وخرج معه أحد أهل اسويد أحمد، فكانت وقعة (أيشايَهْ) اسم موضع، فقتل هو وانهزم جيشه.
[الكلام على غدرة اعل بن محمد لحبيب]
لما تولى اعل المذكور، رئاسة الترارزة، استتبت له الأمور، وكان مظفرا. فإن أبناء دامان ما أذلوا قبله، ولقد كانت الحرب بينهم وبين قومه سجالا كما تقدم. فلما انضموا إلى أخوته، لم يهزموه يوما واحدا؛ وكان لا يغزو أحدا. فإذا غزاه، فإنما يكون مراده الإرهاب، ولا يوقع به، وكان لا يطرد المنهزم.
فلما غلب إخوته، وقتل من قتل منهم، واستتب له الأمر، استولى على قلبه الطمع. فجمع من المواشي من كل نوع ما لا يحصى، ونشر العدل، حتى إنه لا يتجرأ أحد من الترارزة على ان يغصب شاة لطالب، ولا يركب جملا له، وجعل على جميع الناس، إذا ضرب أحدهم الآخر، ولو لطمة بيده، مائة على الضارب، ومصلها على المضروب، حتى ما بقي أحد يقدر على ضرب الآخر، فوقع مرة أن اثنين تشاتما، فصار كل واحد منهما يبصق في وجه الآخر، ولا يقدر أن