وفي هذا تعريض بهم. وله وقد مرَّ بدار، بمحل يقال له الصبيبير، كان يألفها في أيام صباه:
مروري بالصُّبَيبْرِ دَارِ لَيلى ... ولا أهْوَى المُقامَ بهِ هَواَء
ولستُ أذِيلُ دَمْعيَ في رُباهُ ... ولم أنشد لا مكنهِ ثناَء
يُخَبّرُ أن خالقنا تعالى ... يُصَرِّفُ في الحوادِثِ كيفَ شاَء
عبدُ الله بنُ أحمد بن الحاج أحماه الله الغلاوي البكري
أحد أفراد وقته في العلم، له في كل فن اليد الطولى، ولم يكن في ارض الحوض مثله في زمنه، وكان إذا أفتى في مسألة، تلقتها الناس بالقبول. ووقعت بينه وبين القصري صاحب النوازل، مخالفة في مسألة فقهية، فغلبه القصري، فقيل له في ذلك، فقال مثلي كمثل من عنده أنواع عديدة مما يستطاب، فيتناول من أيها شاء. ومثله كمن ليس عنده إلا نوع واحد، يعني أن القصري فقيه لا غير، وأما هو، فله في كل فن أعلى منزلة.
وكان سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم، يشدد النكير على من يتعاطى طبق، سواء بالتدخين أو النشوق، ولا يجسر أحد أن يتناولها أمامه، فاجتمعا يوما في مسجد، فتناول حق النشوق ونشق، يريد أن ينكر عليه، فتقع المباحثة ففهمها ابن الحاج إبراهيم. فقال له: مالك تتحكك كأنك جمل أجرب، ولم يزد على ذلك. ومما نقم الناس عليه قوله في حق أهل الحوض:
ولم يجز لأحد وعمم ... في الحوض مطلقاً سوى التَّيَمُّم
ضَرَرُ ماء صحَّ عن تجريب ... بخبر العالم الطبيب
وقد رد عليه العالم الصالح، الشيخ ابن حامن، احد قبيلته، وانتفعت بلاد الحوض بأنظامه، فإنه سهل عليهم الرسالة لابن أبي زيد، لأنه نظمها نظما سلسا وأوله:
قال أبو محمد عبد الإله ... لينظم النثر الذي جَلا حُلاه