انتشر في السحر في عبيد أهل المدن من شنقيط، وفشا حتى أن العبد صار في تججكه، إذا ضربه سيده أو غيره، لا يلبث إلا يوم أو يومين، فيقع رأسه على الوسادة، فيموت عاجلا، والناس يقولون: أن العبد الساحر ينظر إلى رئة الإنسان، وإنه إذا أراد أن يسحره ينزع قلبه، لكن لا يأخذه إلا إذا لاصقه أو لاصق ظلله، ويزعمون إنه إذا أخذ قلب الشخص، يواريه في الرماد، فينقلب كبشا بعد مدة قليلة، وأن المسحور لا يموت ما لم يذبح ذلك الكبش، وهذا لابد أن يكون خرافة، أما الذي لا يشك فيه، فهو أن العبد يأخذ قلب الشخص، ومتى وضع يده على صدره، ليداويه إذا أتاه أهل المسحور، بعد أن يهددوه بالقتل، يقم كأنما نشط من عقال، وإذا قتل الساحر، قبل موت المسحور، يقوم في الحال، كأنما نشط من عقال، وسبب فشو السحر في عبيد أهل شنقيط، كثرة العبيد المستجلبة من بنباره، وهم جنس من السودان، والسحر فيهم حائد عن القياس.
ولما ظهر أهل تيججكه على ما انتشر في عبيدهم من السحر، تفكروا في قتلهم كلهم، فمنعهم من ذلك، أن النخل لا يقدر على معاناة شؤونه غيرهم، فأتوا برجل من السودان، يقال له شيرنه (بشين فارسية) وبذلوا له مالا كثيراً، في أن ينزع ما في صدور أولئك العبيد من السحر، فقال لهم: وآية معرفتهم أني أحرق شيئاً عندي، فإذا أنتشر دخانه، يأتي إلى كل ساحر في ذلك البلد، فأوقد بخوره ذلك فأني كثير من العبيد، الذين ما كان يظن بهم ذلك، فلما عرفهم، صار يسقيهم علاجاً عنده فيتقيئون، فزعم أنهم تقيؤا ما يعلمون من السحر، فأخذوا أموالا كثيرة، فبان أن السحر بقي في العبيد على حاله، فصارت الناس تقتل كل من اتهموه بأنه سحر أحداً، فقل جداً، وأكثر ما يحملهم على قتل الناس على ما يقال،
إنما هو شدة شهوة اللحم والجوع والغيظ من المسحور، وهو كثير في تججكه وأطار وأوجفت.