وله قصيدة بديعة، يمدح بها وليَّ الله الشيخ المختار الكنتى، وتستخرج منها ثلاث قصائد، لكل منها بحر، أعنى أنها كلها في بحر الكامل. ثم تقرأ أشطارها الأول، فتكون قافية من بحر المديد، ثم تستخرج من أوائل أشطارها الثواني، قافية من بحر البسيط، وليس من حفظي إلا مطلعها وهو:
طلعتْ ببُرجِكَ للبريَّةِ أسْعُدُ ... أيَّامَ جاد بك الزّمانُ الأجْود
وسيمر بك في هذا الكتاب من أمداحه، ما يشهد لما قلت، ورأيت من تآليفه، شرحا على لامية الأفعال لابن مالك، وبلغني إنه شرح مقصورة ابن دريد، وأخبرني بعض الثقاة، إنه مات سنة ثلاث وثمانين ومائتين وألف، أو نحو ذلك، رحمه الله رحمة واسعة.
سيدي محمد بن الشيخ سيديّ
المتقدم، هو العلامة الأريب، اللغوي الأديب. نشأ في نعمة عظيمة، وكلاءة جسيمة. وما ظنك بمن أبوه الشيخ سيديّ، ولما ولد هذا الفتى، تباشرت به تلك الأقطار، واشرأبت إلى مآثره تلك الصحارى والقفار، ولما ميز بين الحيّ واللّيْ، وفرق بين النشر والطيْ. استجلب له أبوه المؤدبين والمتأدبين، وكان يعلمه الكرم كما يعلمه العلوم، ويدقق في محاسبته على ما يبدو منه في عنفوانه، حتى سما ونبل، واقتدى به حذو النعل بالنعل. حتى صار كما قال زهير في هرم بن سنان وأبيه وجده:
هو الجواد فإن يلحق بشأوهما ... على تكاليفه فمثله لحقا
أو يسبقاه على ما كان من مهل ... فمثل ما قدما من صالح سبقا