للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شخص، حمارا. فقال: أعطوه الحمار الفلاني. فقالوا: إنه غائب. فقال: أعطوه الجمل الفلاني. فقالوا: إن الحمار قد حضر. فقال: أعطوه إياهما معا. وجاءه أحد أبناء شيخه، فأعطاه جميع ما يملك من الدنيا، ثم عاد إليه بعد مدة، ففعل ذلك ثلاث مرات.

وشكى إليه إنسان، سوء معاملة امرأته إياه. فقال له: وما مالكم؟ فأخبره بأن عندهم شيئا من الغنم، وحمارا وأمة. وقال: إن هذا لامرأته. فدعا بأحد تلامذته، وأمره أن يعطيه غنما وحمارا وأمة. وقال له: إنها سيسهل أمرها.

وشكا إليه تلامذته المكلفون بالأضياف كثرتهم. فقال: إنحروا من الإبل ما يكفي.

فقالوا: إنها مهازيل، وليس فيها من السمان إلا ناقة. روى من لبنها اثنان لكثرته. فقال: انحروها، فإنها ستشبع مائة.

وكان يبلغه أن الطريق منقطع في الجهة الفلانية، لعدم عمارتها، فيحفر فيها الآبار، ويبعث المؤن الطائلة لقرى المارين. وفضائله أكثر من أن تذكر، رحمه الله. وكان مجيدا. وما رويت له إلا القليل. قال يحض على حسن المعاشر:

أيا مَعْشرَ الإخوانِ دَعْوةَ نادبِ ... إلى الحقِّ والمَعروف ليس بكاذب

أعيرُونيَ الأسْماعَ أَهْدِ إليكمُ ... وصيةُ مُصْفى النصح غيْر مُخالب

فمن كان منكم ذا وِدادٍ وخلةٍ ... لمرتفع الأخلاق جمّ المناقبِ

لِيَسْحَبْ على عَيْبِ الخليل ذُيُولهُ ... ويَسْتُرْ فَشأنُ الخِلّ سَتْرُ المعايب

خِليلَّي لا أبدى إلى من يَذُمُّهُ ... طلاقَةَ وجْهي بلْ عُبوسَةَ حاجِبي

أحبُّ الذي يَهوى وأُبغضُ ما قلا ... ولستُ عليه إنْ يزِلَّ بعاتب

وماذا دعا يوْما لِصَدْمةِ حادِثٍ ... ألمَّ عليهِ كنتُ أوَّلَ واثبِ

فمنزلةُ الإخْوان فيها تفاضُلٌ ... فمنهمْ لذيذُ الطعْم عند المُصاحب

ومنهم زُعاقٌ لا تُطاقُ طِباعهُ ... معاشره يَرْتاحُ إذ لم يَقاربِ

ومن كان ذا لوْحٍ وهَمٍّ وطاعةٍ ... فلا يَدْنُ للمستصيباتِ اللَّواعب

<<  <   >  >>