السودان، يجعل تحت قدم العبد منه مقدار نعل، فيكون قيمة له، وهذا العصر تقادم.
أما الذي نعرفه نحن، بعد الكساد، أن حمل الجمل، يباع في عبد أو أمة، ويبقى ما يوفره من الزرع، وكل ما عند السودان يباع في الملح، كالخيل والثياب والزرع والعبيد. ويقال: أنهم كانوا يبيعون أولادهم فيه. ويقطع هذا الملح من سبخة آجِّلْ. وهي تبعد عن مدينة شنقيط بنحو خمسة أيام أو ستة، وأهلها المالكون لها: كنته، والناس يدفعون لهم ثمنا قليلا جدا، بالنسبة إلى ما يبيعونه به، وتسافر الناس من الحوض وتيشيت واركيبه وتكانت، لذلك الملح، وأكثرهم يشتريه من مدينة شنقيط، وربما ذهب بعضهم إلى محل السبخة، فأخذه منها. ثم يباع جميعه في السودان. أما العبيد التي يأخذها أهل الملح، فإنهم يرجعون بها إلى أهلهم، فما كان الشخص مدينا به منه، سلمه إلى من يطلبه، وما ليس بمطلوب منه، فإن شاء باعه في محله، وإن شاء جلبه إلى أرض القبلة. ويمسك من العبيد ما يحتاج اليه. والمسافة بين السودان وبين محله متفاوتة. فمنها شهر، ومنها ما هو أزيد. وكلما توغل صاحبه في السودان، يكون أروج له.
ومما يأتي به جالب الملح: القماش المعروف بالأكحال، ويسمونه الأنصاف. وأردية يسمونها: دماس وديسه، وبنائق تبنى منها القبب، ويسمونها اجِّيفْ، والدخن المسمى عندهم بالبشنة، وكرته، المعروفة عند المصريين بفول السودان، وعند أهل الشام، بفستق العبيد، وعند أهل الحجاز، باللوز الهندي.
أما تجارة أهل القبلة، التي تخرج منها إلى غيرهم: فهي العلك، المعروف عند المشارقة، بالصمغ. وكيفية اجتنائهم له: أنهم يذهبون إلى المحل الكثير القتاد، الذي يبلغهم أن الصمغ يوجد فيه بكثرة، ولا ينضبط قانون ذلك، لأنه يكثر في جهة سنة، ويقل فيها أخرى. ويأتون بعبيدهم ثم يبعثونهم يوميا اليه، ويرجعون إليهم
مساء، فيوقدون النار في الليل، ويقايسون ما جناه العبيد، فإن أتى أحدهم