عليهم لغزا وقال: إن أجبتموه كفرتم، وإن سكتم غلبتم، فمكث مولود مدة معتزلا عن الباس، يفكر في ذلك اللغز، فخرج عليهم في وقت حر فقالوا له: ما فعلت مع زركة المختار؟. والزركة (بزاي وراء وكاف معقودة مفتوحة وبعدها هاء تأنيث) بمعنى الرمية، وهم يعبرون عن اللغز بذلك، إلا من أراد أن يتفاصح، فقال: بركت عنها. وروى إنه خطأه في كلمة في مجلس، فقال مولود: إنها في المقامات، فقال له المختار: في أي مقامه؟ فقال: في قبحت من شيخ وأنا أعتقد أن هذا موضوع، لان مثل مولود لا يليق به أن يقابل مثل ابن بون بهذا، خصوصا وهو شيخه. ولما قال في قصيدته التي يمدح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
حسبي إذا كنت استجدي أخا كرم ... بالحاتم الهاشمي من حاتم الطائي
قال المختار: أن حاتما ليست من أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن معنى هذا، تشبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بحاتم، والمشبه دون المشبه به، فاحتج مولود بأن حاتما وردت في دلائل الخيرات، معبرا بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال في ذلك قصيدة، لم يحضرني منها إلا بيت واحد، وهو قوله:
لم يكن من دلائل الخيرات ... جهل ما في دلائل الخيرات
وهذا غاية التحامل منه، عفا الله عنه. وهو متقدم على امحمد، المتقدم في السن، وقد أدركه ورثاه كما تقدم، والناس مختلفون أيهما أشعر، فطائفة تقدم هذا، وطائفة تقدم ذاك، وكنت على مذهبها، فلذلك بدأت به. وقد سئل امحمد نفسه عن ذلك، فقال: هو أكثر حلفة وأنا أفتل. - الحلفة - هي سعف الحلفاء وأهل الصحراء
يفتلون منها الحبال، يعني أن مولودا أكثر منه لغة، وهو أجود منه نسجا، وليطالع شعرهما بإمعان من أحب أن يحكم، ثم ليحكم بما بدا له.
وكان مدّاحا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قصيدته المعروفة بالمرجانية وهي: