دعوني وتسكابي الدُّموعَ فرُبما ... يُقلُّ الأسى فيضُ الدموع السَّواكب
فإن كنتمُ صَحْبي فموتوا معي أسىً ... ولا تتركوني هالكا دون صاحبي
كما فرَّ محمودُ ليسلَمَ وحدَهُ ... وأسلم من إخوانه والأقارب
هُمُ جلَبوا الحربَ العَوانَ فلم نَزلْ ... نُبيدُ ونقصى منهمُ كلَّ جانبِ
شفى التائبونَ الغيظَ من نهب مالِهمْ ... ولوْ علموا لم يَنْهبوا مال تائب
وزرناهُمُ منْ آلِ أعوجَ فائقٍ ... بأسْدٍ وأسْدٍ من حبيبٍ وطالب
وإخوانِنَا الشمّ الألى إن تقحموا ... لقاءً تجلى بأسُهُمْ غيرُ كاذب
غداةَ أرادَ الشيخُ ما لا يُطيقُهُ ... فلاقى الذي لاقى يسترَ الكواكب
وجُدّلَ حتى جاذبْتهُ عصائبٌ ... من الطيرِ غَرْثى تَهتدي بعصائب
لدى مشهدٍ دارتْ رحاهُ فجرّعتْ ... صَناديدَهُمْ حَتْفاً مَريرَ المشارب
وولَّوْا سِراعاً مُدْبرِينَ كأنْهُمْ ... بُغاثٌ تهَادى من صُقورٍ دوارب
وقَهْراً طردْناهمْ وخُضنا حماهُمٍ ... وهجنا هُمومَ المُعْولاتِ النّوادب
فَطوْراً يُلَطْمنَ الخدُودَ وتارةً ... يُلَطّمْنَ بالأيدِي أعالي التَّرائب
لعمرك ما قَوْمي بعُزْلٍ أذِلّةٍ ... إذا يَممُوا أرْضَ العَدُوّ المُحارب
بأرْعَنَ مَجْرٍ يذْعرُ الوَحْشَ بالندى ... وزَجْرِ المهارى والجيادِ الشوازِب
فكم هَيّئوا مِن كلّ جَرْداَء وَرْدةٍ ... ومُنْجَرِدٍ عَبل الشَّوى غيرِ لاغِب
وأزْهَرَ مصْقولِ الحديدةِ متْئمٍ ... سَخِي نقيَّ اللوْنِ وارِ المناقِبِ
أجادتهُ أرْبابُ الجريدةِ ميْسما ... ونقْشاً كفي منْ رائقاتِ الغرائبِ
وحَلَّوْهُ نَقلاً مِنْ لُجيْنٍ وَدَوَّرُوا ... مِنَ الدُّرِّ في أَوْساطِهِ والجوانبِ
ومَهْمى مَرَتْ خَلْفَيهَ أيدٍ تطايرَتْ ... مِنَ الجَوْفِ شَتَّى أُمَّهاتُ الذوائبَ
وجَلْجلَ رَعْدٌ يَنْهمي عِندَ هَزْمهِ ... نَجيعُ العِدى لا ماءُ غُرِّ السحائب
بنو الحربِ لا نُعْطى القوىً مَقادةً ... ولا نَشتكى فيها نُزُولَ المصائبِ
ولكننا نحمى الحمى ونحُوطُهُ ... ونزدادُ صَبْراً تحتَ كل النَّوائب