ثمَّ وافتها رواءِ هُمّعاً ... لِذُرُورِ القرْنِ لوْ لم يحتجبْ
بسجالٍ من منيفاتِ الذُّرَا ... وطُفِ الاكتافِ جِمَّاتِ السَّرَبْ
فكأنَّ المُزْنَ تبكي مُلْحَداً ... في رُبا العقلِ بدَمْعٍ منْسَكِبْ
تذَرُ السَّرْحَ صريعاً للقفا ... خاشِعَ الأرواقِ مرْفوعَ الطُنَبْ
وتَهُدُّ التَّلَّ مِن أعرافِهِ ... بأخادِيدَ تُملّيكَ رُعُبْ
يا لها من غادِبَاتٍ قدْ كفَتْ ... مانحَ العُقْلِ لها شَدَّ الكرَبْ
فتَحلَّتْ يِلُجَبنٍ حَوْلهُ ... من نَضيرِ النبتِ أبرادٌ قُشُبْ
فأقامَ الذُّبُّ في الرَّوْضِ الغَنا ... وأقام البتر في الماءِ الصَّخَبْ
وشنوف الطَّلْحِ قدْ نِيطتْ بهِ ... كشُنُوفِ الغِيدِ خُضْراً تضطرِبْ
والحمامُ الوُرْقُ تشدُو بالضحى ... فتذُوَبُ النفْسُ شَوْقاً وطرَبْ
رُبَّ بيضاَء خَلوبٍ لحظها ... مالها في العُجْمِ شِبهٌ والعرَبْ
تحتَ ليلِ الفَرْعِ منها قمرٌ ... فوق غصنٍ فوْق حِقْفٍ مُنكثِبْ
يُقْبِلُ الشَّوْقُ إذا ما أقبلتْ ... يُدْبرُ الصبرُ إذا ما تَنقلِبْ
بابليُّ السّحْرِ في أجْفانِها ... بابليُّ الرَّاحِ منها في الشنَبْ
زُرْتُ والظلْماءُ مُرْخىً سَدْلُها ... غَيْبةَ الواشي وفقْدَ المرْتَقِبْ
رُبَّ تَيهاء نزُوَحٍ ماؤها ... يَنْأمُ البُومُ بها كالمنتحِبْ
وتضلُّ الكُدْرُ في أرْجائها ... بالحُسا الصُّفْرِ عَن أفراخٍ زُغُبْ