ووقعت بينهما أشعار كثيرة، لم يقع لي بها اعتناء. وفي البغية، لسيدي العربي ابن السائح بعد كلامه السابق:
وكان لهذا السيد على ما أخبرني به الناظم - يعني التجابي ابن باب الآتي - باع في العلوم، وله في مدح شيخه الحافظ، ومولانا الشيخ رضي الله عنه، قصائد كثيرة. وكان يقال له حسان الطريق، لقوله في قصيدة يمدح بها الشيخ رضي الله عنه، ويرد على المنتقدين على أهل طريقتنا:
وإني لحسان الطريق وأهلها
البيت المتقدم.
وله أيضا يسلم على أهل تيشيت:
سلامٌ كعُرْف الروض غبَّ وكِيفِ ... وإلاّ فنخلٌ آذنتْ بقطُوفِ
وإلاّ فطعمُ الرَّاح مسك مزاجه ... يعُمكمْ مِنْ طالبٍ وشريف
وكلِّ أخ ليست بتيشيتَ داره ... وكل صميم منكم وحليفِ
سلامُ محبٍّ ليس ينسى ودادَ كم ... على حين ينسى الودَّ كلُّ أسيفِ
أخَلّى لجمع الشمل بيني وبينكم ... بلادي وأعطى تالدي وطريفي
فكم بكِ يا تيشيتَ من ذي بلاغةٍ ... أديبٍ فصيحٍ في المقال طريفِ
يغوص ببحر الشعرِ يخرج دُرَّهُ ... بسيط طويل كامل وخفيفِ
له وافرٌ من حمظهِ متقاربٌ ... سريع إلى الخيراتِ غير عنيف
له رملٌ للشاردات يردها ... بمنسرح للمعضلات كشوفِ
ويرمى بِمُجتَثِّ الخظوط لظهره ... له هزج للذكر غيرُ ضعيف
وفارس علم لا يُشَقُّ غبارهُ ... وذي خشية عالي المقام عفيف
وذي قلم أزرى بخط ابن مقلةٍ ... وكان على الحرَّاق أي منيف
وذي شرف من بضعة نبوية ... موطَّأِ أكناف البيوت ألوف
وذي شرف علماً وآخر جامع ... لدين جسيم المكرمات نحيف