هذا الشخص ومن معه، فان خرج السلاح علىَّ فانتهوا، وإن خرج من فم البندقية فاضربوهم، وإني جربت سلاحي، فإن الرصاص لا يخرج إلا من مقدمه. فضربوا الناس وقتلوهم. وفي ذلك يقول بعض تلامذة الشيخ، قصيدة مطلعها:
هتكتمْ حريم الشيخ لا زلتموا نهبا ... لمن أمكم شرقا ومن أمكم غربا
واستجيب دعاؤه، فإنا أدركنا هم لا يخرجون من فتنة، إلا دخلوا في أخرى. وهذا مشكل، لان الحرم المكي لا يعيذ عاصيا. ولا فارا بخربة. ونشأ صاحب الترجمة يتيما، وكان مقلا، فبعثته أمه وهو صغير، إلى أحد العلماء ليتعلم عليه، فبدأ بقراءة الآجرومية. ثم إن الشيخ ما اكترث به، وصار يجيء إليه ليفسر له درسه، فيشتغل عنه بالتفسير لغيره، فضاق صدره وبكى كثيرا. ثم فتح الله عليه دفعة واحدة، ورجع إلى أهله، وشاع خبره، وانثالت إليه الناس، وأقيلت عليه الدنيا، وكان كريما صالحا يتبرك به. ومن شعره:
أنا الفقيرُ وفقر المرء ذا ضرع ... بالله صدق إلى مولاه محض غنى
ومن رأى أنه بالمال حاز غنى ... قد كان في زعمه ما حاز غير عنى
وكان مولعا بالعربية خصوصا، ويحرض الناس عليها، وله في ذلك:
تعلمَ اللغة شرعا فِضّلٍ ... على التخلي لعبَادة الجليل
يؤخذ ذا من قوله وعَلّما ... آدمَ الأسماَء الزم التعلُّما
يعنى النوافل، وله أيضا في التحريض على طلب العلم، وحضور مجالسه:
عليكَ بالتعليم والتعلم ... ذا رغبة في أجره المعظم
ولا يَزْعك عن حضور العلم ... وأهله أن لم تكن ذا فهم
فإن في الجلوس عند العالم ... سبعَ كراماتٍ لغير الفاهمِ
تحصيل فضل المتعلميناَ ... وحبسهُ عن الذنوب حينا
معَ نزول رحمة الله علَيْه ... عند خروجه بنية الَيْهْ
وأنه له نصيب يحصل ... مما من الرحمة ثمَّ ينزل