إن الفتى لَبات بالفتاتِ ... حيرَانَ مشرفا على الوفات
وإن دمعه لعندماً حكى ... شوقاً فما أطْوَل ما كان بكى
جاز لدى الأخفش والأوَلُّ ... قال به هشامٌ الأجَلُّ
ومنها:
آءٌ كعاعٍ تمَرٌ لشجر ... لا شَجَرٌ كما حكاهُ الجوهَرِي
ومات رحمه الله، قريبا من العشرين بعد ثلاثمائة وألف. وكان حديد الذهن بعيد الغور، كان يوما مع جماعة من طلبة العلم، وبأيديهم الدماميني على التسهيل، فإذا هو يقول في باب الإضافة: قال ابن هشام: وقد سألني سائل من أين تهب الصبا، فأنشدته:
ألم تعلمي يا عمرك الله أنني ... كريم على حين الكرام قليل
وإني لا أخزى إذا قيل مملق ... سخي وأخزى أن يقال بخيل
ولم يبن استخراج الجواب من هذين البيتين اللذين أنشدهما، وفيه غموض انتهى. فلم يفهم الحاضرون مراد ابن هشام، فتفكر هو قليلا. وقال: والله لقد فهمت مراده. فقالوا له: بينه لنا. فقال لهم يشير إلى قول الشاعر:
إذا قلت هذا حين أسلو يهيجني ... نسيم الصبا من حيث يَطّلعُ الفجر
فقوله: حين الكرام قليل. مماثل لقوله: من حيث يطلع الفجر، إذ كل من حين وحيث، ظرف مضاف على جملة. ونظير هذه المسألة القريبة العهد، ما حكاه أبو حيان في شرح التسهيل، من أن ابن الأخضر، سأله طالب بحضرة الأبرش، عن فتح مقالة في قول النابغة:
مقالة أن قلت سوف أنا له ... وذلك من تلقاء مثلك رائع