البخاري لها على ما تقدم، من ان المراد بها نفس الشيء، على طريقة المتكلمين في حق الله تعالى، ففرق بين النعوت والذوات.
وقال ابن برهان: إطلاق المتكلمين الذات في حق الله تعالى من جهلهم، لأن ذات تأنيث ذو، وهو جلت عظمته لا يصلح له إلحاق تاء التأنيث. قال: وقولهم الصفات الذاتية جهل منهم أيضا. لأن النسب إلى ذات ذوى، وأجيب بأن الممتنع استعمالها بمعنى صاحبة. أما إذا قطعت عن هذا المعنى، واستعملت بمعنى الاسمية فلا محذور. كقوله تعالى (إنه عليم بذات الصدور) أي بنفس الصدور. وقال خبيب رضي الله عنه:
وذلك في ذات الإله الخ
وفي الحديث (أخشين في ذات الله تعالى).
وقال ابن الحاجب في أماليه. قال: ابن الخشاب النحوي: لا يقال ذات الله. لأن ذات بمعنى صاحبة، ولا يقال صاحبة الله، والجواب عن ذلك، ان العرب تضيف المسمى إلى اسمه في قولهم، ذات يوم وذات ليلة، وشبهه. فالذات هاهنا المراد بها المدلول، والمضاف إليه المراد به اللفظ، وكأنه قيل مسمى هذا اللفظ، وأما ذات الله، فلاشك إنها لا تطلق لفساد المعنى، وإنما الكلام في إطلاق لفظة ذات مضافة إلى الله، وهو صحيح بمعنى المذكور، ومثله من كلام العرب قليل، والله أعلم بالصواب.
وروى البخاري في صحيحه: حدثنا محمد بن محجوب، حدثنا حماد عن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال: لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلا ثلاث كذبات، ثنتين منهن: في ذات الله عز وجل. قوله: إني سقيم، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، إلى آخر الحديث، وقالت أم المؤمنين عائشة
رضي الله عنها في صفة أبيها: فما برحت شكيمته في ذات الله تشتد، حتى اتخذ بفناء بيته مسجدا، يحيى فيه ما أماته المبطلون.