محمد بن مايابي الشنجيطي الجكني الملقب بالخضر، أبقاه الله ورعاه، وأدام الانتفاع بعلمه وهداه: هو سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم ذي العلم العميم والذوق السليم العلوي، نسبه إلى سيدنا عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه، من غير مولاتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها، من قبيلة من الشناقطة، يقال لها إدوعل، كثيرة بحور، العلم تفقه في بلده بالمختار بن بون الجكني، فريد دهره وعالم عصره، باديه ومصره، وارتحل إلى الحرمين وقضى نسكه، ورجع وصحب البناني بفاس المحروسة الحمى، بحول رب السما، سنين عديدة، أعطته العلوم بأزمتها فصار من علماء أئمتها، حاو جميع الفنون كثير الشروح والمتون، ألف هذا النظم المسمى بمراقي السعود، وشرحه نشر البنود، على أصول الإمام مالك رضي الله عنه، لم يأت الزمان بمثله، ولا جاد فيما مضى بشكله، وألف في علم البيان نظمه نور الأقاح، وشرحه فياض الفتاح، جمع من الفنون الثلاثة الدر الثمين، ألغى الغث
وأخذ السمين، ونظمه طلعة الأنوار في مصطلح الحديث، وشرحه كذلك، إلى غير هذا من التآليف العديدة، التي لم يبق للطالب بعدها فائدة مفيدة مآقره لا ترام بالحصر، لما نشر الله به في ذلك القطر اهـ.
قوله: إنه أخذ عن العلامة المختار بن بون، لم نسمعه من غيره؛ ولعله سمعه ممن تحقق ذلك، ولا يعارضه أن المختار المذكور، كان يقرأ بالجيم المتفشية، مع إنه نص على إنها شديدة في احمراره وطرته، فلما قدم تكانت، صار يقرأ بالشديدة، فسئل عن ذلك، فقال: لا يمكن مخالفة ابن الحاج إبراهيم ما دمنا بتكانت، فربما كان الرجل يأخذ من آخر، ثم يجوزه في المرتبة، فيضطر الأخير للأخذ عنه، ثم إنه ترك من كتبه المشهورة، نوازله في الفقه، ولنذكر بعض ما ترك من أخباره، فنقول: كان رحمه الله أوحد زمانه في جميع العلوم، ولم يبلغ