وأهل المغرب، وقد أنكر ذلك بعض المشارقة، وادعى أنها من السودان، وذلك أن بعض الشناقطة، كان مقيما بالمدينة المنورة، فكان يأخذ من وقف المغاربة العمومي،
فتعصب عليه الجزائريون خاصة، وقالوا: إن الشناقطة ليسوا من المغاربة، فمنعوه من أخذ حصته، فلما قدمت إلى المدينة المنورة، سنة سبع عشرة وثلامائة وألف، واجتمعت به، أخبرني بما جرى له. فقلت له: إن سيدي العربي بن السائح، نص في كتاب (البغية) على أنهم من أقصى المغرب.
ورأيت في دار كتب المرحوم عارف حكمت بك بالمدينة المنورة، كتابا للسيد مرتضى الزبيدي، شارح القاموس بخط يده، يعدد فيه أشياخه، ويترجمهم فذكر من جملتهم: عبد الرشيد الشنقيطي، وذكر إنه مر عليهم بمصر متوجها إلى فاس، في قضية مماثلة لقضيتك، قال: ثم رجع إلينا، وقد صدق له السلطان بأنهم من المغاربة، وحكم بذلك القاضي ابن سودة (والأغلب أن ذلك السلطان هو سيدي محمد بن عبد الله). فبعد سفري، بلغني أن مفتي المدينة، وهو تاج الدين إلياس رحمه الله، لم يقبل ما في الكتابين، وحكم بأن الشناقطة من السودان، زاعما أن ذلك مقتضى ما في الجغرافية. وهذا عجيب، فإن النخبة الأزهرية، نصت على ان شنقيط من المغرب، وهذا نصها: ومن الواحات الشهيرة فيها (يعني الصحراء) غربا الآدرار، وتسكنها قبائل الأرواد، وهم مغاربة مسلمون. ومركزها وادان، ومدنها شنقيط، ثم تاغانيت، ومركزها تيشيت، ثم والاته، الخ ما ذكره.
وقد ذكرنا حكمه هذا، حكما كاد يقع في مكة المكرمة بشهادة حمير، لولا أن المحكوم عليه كان من الظرفاء، فتنادر للحاكم فضحك، وخلى سبيله. وذلك