وعلى أولادهما إلى الآن، ولما كثروا وكثرت دنياهم، وانتشر صيتهم في تلك البلاد، وصار من في حوزتهم تبعا لهم، تنافسوا في الرئاسة، فوقع بين طائفتين من الكحل، منازعة في بعض المماليك، والطائفتان أولاد أبوهم وآمكاريج، هكذا كنا نسمع، وسمعت أيضا ممن يوثق به، ان المنازعة مع بعض البيض والكحل، وعلى كل، فإن أولاد ومعظم البيض، صاروا يدا واحدة على بقية الكحل، وبعض الطائفتين اعتزل الحرب، ثم إنهم بقول كلهم في مدينة شنقيط، وكانوا يقتتلون الليل والنهار، فإذا كان القتال ليلا تنهزم الكحل، لأن الأغلال يعينون البيض عليهم، فإذا كان نهارا ينهزم البيض، وكانوا إذا انهزم المنهزم منهم، لم يتبعه الآخر، ولا يقتل الجريح، وكانوا لا يتناهبون الأموال، وكانوا لا يقتتلون الا في الصف، فإذا لقي أحد منهم عدوه في غير المعركة لا يزعجه، وكانوا يصلون في المسجد جماعة، ويقسمون الضيوف على عادتهم، إلى أن وجد بعض قتلى الأغلال بين الأموات من البيض، فتذمم الأغلال وخرج معظمهم إلى أرض الحوض، وخرج القاضي ابن الطالب العلوي إلى أرض القبلة، ثم التحق به من التحق منهم، وداموا على
ذلك، إلى أن جلس اثنان من البيض على حافة البطحاء، فنظرا رجلا من الكحل، على حافتها الثانية جالسا، فقال أحدهما لصاحبه: أترى سهمك يصل إليه، فرماه فقتله، وكان قصده على ما يقال إنما هو اختبار مسافة سهمه، فغدر بهم الكحل، وقتلوا منهم أربعين رجلا، فخرجوا إلى تيججكه وبنوها، كما قدمنا، ومات في تلك الحرب أربعمائة من الفريقين، وكان أموات الكحل أكثر، ولما تم بناء تيججكه، اكترى البيض رؤساء قبائل حسان، فوافوهم بتججكه ليغزوا معهم، ويهدموا مدينة شنقيط، فبلغ ذلك رئيس الكحل إذ ذاك، فخرج ليلا ومعه عبد له، وتوجه إلى تججكه من غير أن يعلم به أحد، وكانت أخته عند رئيس أهل تججكه، فنزل قريبا،