وأما الصلح عندهم، فيكون بسفارة تمشي بين الطائفتين. والأكثر أن يكون ذلك الوفد من الزوايا، ويسمونه الصربة، ورؤساء حسان يتبادلون إرسال أولادهم الصغار، ويبقى ولد هذا عند هذا، والعكس، ويسمون الولد امنازله وغفيرا. أما الزوايا: إذا سئموا من الحرب، فإنهم يتبادلون السفراء، حتى يتفقو على الصلح. والأكثر أن يضمن بينهم رئيس من رؤساء حسان.
واعلم أن حروب الزوايا: أكثرها إنما يكون في تكانت والحوض والرقيبا وآدرار. أما أرض القبلة، فأعظم حرب وقعت فيها: إنما هي حرب إدوعل وإدابلحسن. وقد وقعت حرب قديما، بين أولاد ابيير وتندغا، ولم تحضرني تفاصيلها، وسببها: أن تندغا استجار بهم بعض من يعادي أولاد ابييري، فأجاروه ولذلك يقول بعض الناس في شأنهم:
اجميل: بمعنى جميلة. واعكاب: بمعنى آخره، وذكر الحرب، وهي مؤنثة، لأن العامي أكثره لحن. والعزبة عندهم: بمعنى المعصر، أي التي قاربت البلوغ. وآزور: ضفيرة تكون لمن هذه سنها. وماتل: بمعنى ما بقى. ويحكم: بمعنى يمسك، والدخيل: الذي يدخل في كنف من يستجير به. يعني أن تندغ لا يجيرون أحدا بعد هذه الحرب أبدا، لما وقع فيهم، وأن أبناء ابييري لا يحاولون أن يسلم لهم
الشخص من أجاره، لما نالهم أيضا. وظاهر هذا الكلام: أن القبيلتين تعبتا من الحرب، وهذا شأن كل المتحاربين، فغالبهم مغلوب.
أما حرب تندغ وتاكنيت، فإنها قليلة الأهمية، وليس فيها إلا مناوشات خفيفة. وأما حرب أولاد ابييري وإجيجبه، فإنها قريبة العهد، وكانت الناس تظن أن إجيجبه لا يقدرون على مناوأتهم، لقلتهم وكثرة أولاد ابييري. وزد على ذلك: أن أكثر حسان حسان والزوايا مع أولاد ابييري، لمكان أهل الشيخ سيدي