من القسطنطينية سنة ١٣١٩، فاجتمعت ببعض أفاضل الشام. فذكروا أن الفقيه الصالح عبد الحكيم الأفغاني رحمه الله. ذكر أن الضاد التي ينطق بها الدمشقيون وغيرهم غير صحيحة. منكرين ذلك عليه. فقلت لهم: هذا الذي قال: قال به أحد علمائنا، أعني محمد فال المتقدم. وهو ظاهر ما في الكتب. فقالوا لي: اكتم هذا. وإلا نفيت أنت وهو، من دمشق. وذكروا أن العلماء سلطوا عليه الوالي، فنهاه عن القول بذلك. فطلب منه المحاكمة إلى ما في الكتب بينه وبين العلماء، فما قبل.
والحاصل أن هذه الضاد المألوفة عندي، وعند غيري غير صحيحة. لأنها تباين التي وصفها سيبويه ولفظه. ومن بين أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس، مخرج الضاد. وفي التسهيل: وأوَّل حافة اللسان وما يليه من الأضراس للضاد. وقال السيوطي في جمع الجوامع: وأوَّل حافتيه وما يليهما من الأضراس للضاد، وهي من الأيسر أقيس. قيل تختص به، وقيل: بالأيمن. ولا ينطق بها وبالحاء، غير العرب.
وقال في الشرح نقلا عن أبي حيان: والضاد أصعب الحروف في النطق. وهي من الحروف التي انفردت العرب بكثرة استعمالها، وهي قليلة في لغة بعض العجم، ومفقودة في لغة الكثير منهم. قال: والضاد لا يخرج من موضعها غيرها من الحروف عندهم، وذهب الخليل، إلى أن الضاد شجرية، من مخرج الجيم والشين. فعلى هذا يشركها غيرها فيه، ومعنى شجرية: خارجة من شجر الحنك، وهو ما يقابل طرف اللسان. وقال الخليل: الشجر، مفرج الفم أي منفتحه. وقال غيره: هو مجتمع اللحيين عند العنفقة، وعلى رأى الأولين. قال أبو حيان: خروج الضاد من الجانب الأيسر عند الأكثر، والأيمن عند الأقل. ويحكى عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه، إنه كان يخرجها من الجانبين معا. وقال الصيمري: بعض الناس يخرجها من اليسرى، وبعض الناس يسهل عليه إخراجها من