ومن المسائل التي وقعت إذ ذاك، أن رجلا يقال له ابن الديك، كانت عنده امرأة فتعشقها آخر، يقال له: البخاري، ففداها منه بمال، فطلقها. فبينا هو ينتظر انقضاء عدتها ليتزوجها، وقعت أذريره، فخرجت تلك المرأة مع نساء هاربات
على أقدامهن، فأضربهنَّ الجوع، فوجدن بقراً لمحبوبها، فذبحت منه تبيعة، فوفاها محبوبها وكلمها كلاما عنيفا، وهددها بالضرب، وطلب منها أن تقضي له تبيعته. فقال بعض الأدباء يعتبر بحالها:
أنظر إلى معشوقة البخاري ... وعنها الآئلِ للصّغارِ
كانت لنجل الديك عرساً وهولا ... يبغي بها من النساء بدلا
ففرق البخارِ بالفداء ... بينْهما للاعج الأهواء
وكرعا كأسَ الصّبا زمانا ... وكان من أمرهما ما كانا
غَصَّ بها المِجْوَلُ والحجالُ وطاب منها ذلك المجالُ
وأسْهِرَتْ من هجرها الرجالُ ... وأعلمت في وصلها الجمالُ
واخضرَّ جلدها من اللباسِ ... منْ فاخرَات الهند أو دُماسِ
وأسْقيتْ خوالصَ الألبانِ ... عَنْ كثْرةٍ والدَّهرُ ذو ألوانِ
راحَتْ سعُودُ سَعْدِها أوافِلا ... وانقلبت رياحُها شمائِلا
وشامَتِ الخُلّبَ في أمصارها ... ونعِبَ البارَحُ عن يسارها
وأثرتْ عُرَى خَوالصِ الادُمْ ... في جيدها وغيرُ ربي لم يدمْ
ولم تزلْ في تيلك الحال إلى ... نعوذُ باللهِ منْ أنواع البلا
أن ذبحت بنت لبون من بَقرْ ... عاشقِها الذي بها قد اشتهر
فرام أن تَقْضِيّه في الحين ... بعد كلام غيرِ مستلين
بل همَّ أن يوجعَها بضربها ... على خدود كان مفتوناً بها
نفْسَ الأريب انتبِهي واعتبرِي ... وجددي العبرة أيضاً وانظري