للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد اكسبها فَخَارك فَخَارك حين زُفَّتْ ... إليك على نظائرها فَخَارا

وقال أيضا يصف ليلة سهرها عند بعض أفاضل أهل مرَّاكش، ويصف ما اعتراهم فيها من السرور، ويصف منزل صاحب الدعوة وكيفية شرابهم للشاهي:

يا ليلةً راحَ فيها عازب الوطرِ ... بات الصفاءُ بها يسطو على الكَدَر

طابتْ مجالسنا فيها وخامرنا ... حسنُ السرور على موضونة السُّرُر

إذ بات أحمدُ يسقينا على مَهَل ... أشهى من الراح في أبهى من الدرَر

في منزل تُتْعِبُ الأفكارَ عبرتُها ... فيه كما يُتْعِبُ الأبصارَ بالنظرِ

فيه النَّهارُ عِشاءٌ والمعايش وال ... أنهار تجرى وفيه مُثْمِرُ الشَّجَرِ

ثم إنه رحمه الله، بعد مقابلة مولانا السلطان عبد الرحمن وحفاوته به وبمن معه، ركبا البحر متوجهين إلى الحرمين الشريفين وفي الركب ابن أبي الشيكر (بكاف معقودة) قائد أبناء أبي السباع فبدءوا بالزيارة، ثم قضوا حجهم، فتوفى رحمه الله بين مكة وجده. ولم نعثر له على نظم في الحجاز، سوى بيتين قالهما لإبراهيم

القاضي صاحب الصولة في الينبوع وضواحيه. وكان تلقى ذلك الركب بما ينبغي، وهما:

يا قاصداً بطحاَء مكة يرتجي ... نيل الطواف ببيتها المرفوع

لا نخش من ينبوع حاجِك غورةً ... ما دام إبراهيمُ باليَنْبوع

وقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:

هاج التفرُّق فاعذليني أوْ دَعي ... شوقاً أصمّ عن العواذل مسمعي

لا تُنكري مني الشحوب فهكذا ... فعلُ الفراق بكل صبٍّ مولع

إنّ الأحبة أوْدَعوا إذ ودَعوا ... في القلب شجواً لم يكن بمودّع

كيف السلوّ خلافهم أمْ كيف لي ... بالكف بعد نواهم من مدمعي

بانوا فبتُّ بليلة لم تنكشف ... من بعدهم وبمقلة لم تهجع

بانت ببينهمُ الرباب وخلفت ... بين الجوانح غُلّة لم تنقعِ

دارَ الرباب أربَّ فيك على الرَّبى ... ينهل مرتجس الركام الممرعِ

<<  <   >  >>