منها مجلد، وذلك قبل أن يجتاز ببلاد الواسطة والجريد وتونس والبلاد المشرقية.
ثم قال بعد كلام تقدم بعضه في ترجمة والده باب: وكان الناظم رحمه الله، من
أعاجيب الدهر في الذكاء والفطنة ومكارم الأخلاق وحسن الشيم وعلو الهمة عن الخلق، والتجافي عن سفاسف الأمور، مع ما هو عليه من الجد والاجتهاد في طاعة رب العباد. وكان اجتيازه بنا بمكناسة الزيتون، عام سبعة وخمسين ومائتين وألف، ومكث عندنا ثلاثة أشهر، صحبناه فيها وذاكرناه، واستفدنا منه ما نرجو الله تعالى أن ينفعنا به في الدين والدنيا والآخرة. وكانت وفاته رحمه الله تعالى أوائل العشرة التي بعد الستين ومائتين وألف، ذلك قبل وفاة والده بما يزيد على العشرة أعوام بالمدينة المنورة، على مشرفها أفضل الصلاة والسلام. اهـ الغرض منه.
وحدثني العلامة عبد الجليل براده رحمه الله تعالى، سنة سبع عشرة وثلاثمائة وألف بالمدينة المنورة، أن له في ذلك العام ستين سنة وهو متوفى، وأبرز لي ورقة صغيرة فيها مقطعة من نظم صاحب الترجمة وقد كتبتها منه ثم ضاعت مني قبل أن أحفظها وأولها:
الدَّهرُ يأتي بأفراح وأحزان ... وكلّ شيء على ظهر البرَا فانِ
والموت بئر جميع الناس وارده ... ولا حبٌ فيه يمشي كل إنسان
لو كان بالموت من عارٍ مننقصةٍ ... ما ماتَ أحمد عالي القدرِ والشأنِ
أو كان في غيرِه عز ومنقبة ... ما عاش من بعده يوماً فُلانانِ
قلْ للذين هُما بموتهِ شَمَتا ... قد مات جاراً لطه خير عدنانِ
وهي أكثر من هذا، وقال: أن أحمد المذكور، كان صديقا لصاحب الترجمة، فشمت به اثنان من شنقيط، كانا في المدينة المنورة، وكانا يحسدان صاحب الترجمة. قال: ومدة إقامته بالمدينة سنة، وتزوج بها إحدى بنات أهل المدينة. وأخبرني إنه مات، هو وصديق له اسمه المختار، في يوم واحد، ودفنا بالبقيع