وهما في غاية الحسن، إلا أني ما حفظت منهما شيئا لضيق الوقت، ثم بلغه بيتان ضاديان، من قصيدة لعبد الرحمن المذكور وهما:
تعلم شروط النقض يا مولعا به ... ولا تُبْقِ منها أن هممْتَ به بَعضا
ولا تحسبنّ النقض لفظَ نقضتهُ ... فما كلُّ حُكم شيد يستوجب النقضا
فقال فتىً المذكور:
تَعلّمْ شرُوطَ الحكم يا مُوَلَعاً بهِ ... ولا تُبْقِ مِنها أن هَمَمْتَ بهِ بَعْضا
وَلا تَقْضِ إلا ذَاكِراً أن للِقضا ... عَلى الخَلْقِ والخَلاّقِ في مَلإِ عَرْضا
فما كُلُّ تَسْجِيلٍ لَقوْلٍ مُسَجَّعٍ ... تَضمَّن لَفظ الحُكم يَستَوْجِبُ الأمْضا
وما كان لفْظي قَدْ نَقَضْتُ وإنهُ ... أرَى نقْضَهُ حَتماً عَلى أهْلهِ فَرْضا
نَعَمْ كلُّ حُكمٍ مِنْ غيرِ حاكمٍ ... ولا ثابتِ التّحكِيم يَستَوْجبُ الرَّفْضا
ولا يَستقيمُ الحكمُ من غيْرِ ذَيْنِكم ... ولا سِيما أن بَعْضُهُ أكْذَبَ البَعضا
ومَنْ أرْسَلَ الأشْعَارَ نحْوي نَدَامَةً ... على ما أتاهُ عَضَّ إصْبَعهُ عَضا
أجَازِ بهِ أن لم يَلْقَ مِني تَحلُّماً ... قَوافيَ تُفْنى اللَّحْمَ والعَظْمَ والعِرْضا
قَوافَي تُبقيهِ نُمَيْرَ بنَ عَامِر ... وتَتْرُكُ ما قدْ كان مِن رَفْعِهِ خَفْضا
قَوافيَ لا المُحْتالُ يَسطيعُ صَرْفَها ... بحَوْلٍ ولم يَسْطْع قَوِيٌّ بها نَهْضا
قَوافيَ لا تَنْفَكُّ عُرْضةَ مِذْوَدِي ... وتأبى الذي يأبى وترْضى الذي يَرْضا
وكُنْتُ معَمًّى مُخْوَلاً في ارْتجالِها ... وقِدْماً عَليْها بالوِلايةِ لِي يقُضْى
وقَبَلكَ يا ذا اللّسَانَيْنِ هابَنا ... وأغْضى حَياءً منْ مَهابَتِنَا غَضَّا