واستمرت دعوته سرا ثلاث سنين، حتى نزل قوله تعالى:(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)«١» ، فأعلن دعوته.
وابتدأت قريش تظهر خصومتها لدعوته السّمحة، وأخذت هذه الخصومة تشتد وتعنف، فاستباحوا في الحرم الآمن دماء وأموال المسلمين، وحرّضوا القبائل على الدعوة وصاحبها، وقاطعوا المسلمين ومن يعطف عليهم: لا يبيعونهم ولا يبتاعون منهم شيئا، ولا يزوجونهم أو يتزوجون منهم.
ولكن الرسول صلّى الله عليه وسلم صمد صمود الرواسي: لا يلين ولا يتردد، ولا يخشى أحدا إلا الله، وتحمل التكذيب والتعذيب والأذى والجوع والحرمان، مصرا إصرارا عنيدا على تحقيق أهدافه كاملة.
كان يذهب الى الحجيج في مجامعهم، ويطلب منهم النصرة على مسمع ومرأى من جبابرة قريش وأحلافهم.
وتكلّلت إحدى محاولاته البطولية بالنجاح، وذلك بانبثاق بيعة (العقبة الأولى) ، ثم تلتها بيعة (العقبة الثانية) ، فكانت البيعة الأولى أول انتصار عسكري له خارج مكة المكرمة، وكانت البيعة الثانية انتصارا عسكريا آخر له، وأدى كل ذلك الى انتشار الإسلام في المدينة المنورة، وأصبح له فيها جنود يعتمد عليهم في الملمات.
إن حياته المباركة في مكة المكرمة، كانت مكرّسة للتوحيد من أجل الجهاد.
وأمر النبي صلّى الله عليه وسلم مسلمي مكة ومن حولها بالهجرة الى المدينة المنورة للانضمام الى إخوانهم هناك، فهاجر المسلمون تباعا تاركين أموالهم وأهليهم،