إن معارك المسلمين مع المشركين كانت معارك عقيدة لا معارك عدد وتسليح.
د- ولم يكن للمشركين أية عقيدة واضحة يضحون في سبيلها بأرواحهم عن طيبة خاطر، فاضطروا الى استصحاب أهليهم وأموالهم معهم، حتى يدافعوا عنها عندما يعجزهم الدفاع عن شيء آخر.
لقد رأيت ثبات النبي صلّى الله عليه وسلم في أخطر موقف عصيب، ولكنّ مالك بن عوف قائد المشركين آثر الفرار مع أول المنهزمين؛ فقصد الطائف وبقي محصورا هناك، فلما قدم وفد هوازن النبي صلّى الله عليه وسلم، سألهم عن مالك؛ وحين علم أنه ما زال في الطائف مع ثقيف طلب إليهم أن يبلّغوه:(أنه إن أتاه مسلما ردّ عليه ماله وأهله وأعطاه مائة من الإبل) .
حينذاك لم يتردد مالك حين علم بهذا الوعد، أن أسرج فرسه في سر من ثقيف وفرّ به الى النبي صلّى الله عليه وسلم فأعلن إسلامه وأخذ ماله وأهله ومائة من الإبل!
٧- حرب الفروسية:
مرّ النبي صلّى الله عليه وسلم في طريقه بامرأة قتيل، فقال:(من قتلها) ؟! قالوا:
(قتلها خالد بن الوليد) . فقال لبعض من معه:(أدرك خالدا فقل له:
إن رسول الله ينهاك أن تقتل امرأة أو وليدا عسيفا) «١» . لم يكن قتل المرأة المشركة عمدا، بل كان خطأ في أثناء انهزام المشركين وقيام المسلمين بمطاردتهم، وفي مثل هذا الموقف تقع كثير من الأخطاء العسكرية؛ لأن الحالة النفسية للمنهزمين وللقائمين بالمطاردة على حد سواء تكون غير طبيعية، لذلك حدث مثل هذا الخطأ في قتل امرأة واحدة؛ ومع ذلك فقد أراد النبي صلّى الله عليه وسلم أن يؤكد أوامره السابقة في اجتناب قتل الضعفاء.