للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قبل دخول مكة]

دخل أبو سفيان بن حرب مكة مبهورا مذعورا، وهو يحسّ أن من ورائه إعصارا إذا انطلق اجتاح قريشا وقضى عليها قضاء لا تقوم لها قائمة بعده أبدا.

ورأى أهل مكة قوات المسلمين تقترب منهم، ولم يكونوا حتى ذلك الوقت قد قرّروا قرارا حاسما ولا اتخذوا تدابير القتال الضرورية؛ فاجتمعوا الى ساداتهم ينتظرون الرأي الأخير، فاذا بصوت أبي سفيان ينطلق بينهم مجلجلا جازما: (يا معشر قريش! هذا محمد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن) !

دهشت امرأة أبي سفيان هند بنت عتبة التي كانت تشايع المتطرفين من مشركي قريش في عداوتهم للمسلمين وهي تسمع من زوجها هذا الكلام، فوثبت اليه وأخذت بشاربه تلويه وصاحت: اقتلوا الحميت الدسم الأحمس «١» (أي هذا الزق المنتفخ) قبح من طليعة قوم) «٢» .

ولم يكترث أبو سفيان لسباب امرأته، فعاود تحذيره: (ويلكم! لا تغرنكم هذه من أنفسكم، فانه قد جاءكم ما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن) ...

قالت قريش: (قاتلك الله! وما تغني عنا دارك) ؟ قال: (ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن) .

وأصبحت مكة تنتظر دخول المسلمين: اختفى الرجال وراء الأبواب


(١) - الحميت: في الأصل زق السمن، والدسم: الكثير الودك، والأحمس: الشديد اللحم، تريد تشبيهه به لعبالته وسمنه.
(٢) - طليعة قوم: الذى يتقدمهم أو يحرسهم.

<<  <   >  >>