المسلمين يدخلون مكة هذا العام عنوة، حتى لا تتحدّث العرب بأنهم هزموا أمام تهديد المسلمين وضغطهم.
٤- المفاوضات النهائية:
أرسلت قريش سهيل بن عمرو ليفاوض النبي صلّى الله عليه وسلم، على أن يتفق معه على رجوع المسلمين هذا العام عن مكة، فاستقبله الرسول صلّى الله عليه وسلم وهو أرغب ما يكون في موادعة القوم.
وتكلّم سهيل فأطال، والمسلمون من حول النبي صلّى الله عليه وسلم يسمعون أمر هذه المحادثات ويضيق قسم منهم بأمرها صبرا، ولولا ثقة المسلمين بالنبي صلّى الله عليه وسلم ثقة لا حدود لها وإيمانهم العميق به لرفضوا الاتفاق مع قريش ولقاتلوهم حتى يدخلوا مكة عنوة؛ ولكنّ الرسول صلّى الله عليه وسلم بقي مسيطرا على أعصابه مالكا هدوءه؛ ولما رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه مغيظا من سير المفاوضات قال له:(أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره ولن يضيعني) ...
ومما أثار حفيظة المسلمين صبر الرسول صلّى الله عليه وسلم أثناء كتابة العهد بين المسلمين وقريش، فقد دعا الرسول صلّى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال له:
(أكتب بسم الله الرحمن الرحيم) .
فقال سهيل:(أمسك! لا أعرف الرحمن الرحيم، بل اكتب باسمك اللهم) .
قال الرسول صلّى الله عليه وسلم:(اكتب باسمك اللهم) . ثم قال:
(اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو) .
قال سهيل:(أمسك! لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك) ...
قال الرسول صلّى الله عليه وسلم:(اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله) ...