في مقاومته وامتناعها عن نقل المعلومات عنه الى قريش أو غيرها؛ كما أعتقد أن قوة هذا الجيش وحدها لم تكن المانع الوحيد لتردّد القبائل في قتاله ونقل المعلومات عنه للمشركين، لأن قتاله أو نقل المعلومات عنه لعدوّه، معناه إيقاع الخسائر في المسلمين، تلك الخسائر التي تكون على القبائل كلها لا على قبيلة واحدة، وبذلك يشمل الضرر القبائل كلها لا المسلمين وحدهم، ومن يضمن ألا تكون أكثر الخسائر من منتسبي تلك القبيلة التي سبّبت للمسلمين هذه الخسائر.
٥- المعنويات:
لم تكن معنويات المسلمين في وقت من الأوقات أعلى وأقوى مما كانت عليه أيام فتح مكة البلد المقدس عند المسلمين الذي يتوجهون إليه في صلاتهم كل يوم، ويحجّون بيته كل عام:(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً، وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى)«١» .
وقد كانت أهمية مكة للمهاجرين أكثر من أنها بلد مقدس، فهي بلدهم الذي تركوه فرارا بدينهم وتركوا فيه أموالهم وأقرباءهم وكل عزيز عليهم.
لذلك لم يتخلّف أحد من المسلمين عن هذه الغزوة إلا القليل من ذوي الأعذار الصعبة.
أما معنويات قريش فقد كانت منهارة للغاية ومن حقها أن تنهار، فقد أثرت فيها (عمرة القضاء) كما رأيت، كما أثر فيها انتشار الإسلام في كل بيت من بيوت مكة تقريبا، وبذلك فقدت مكة روح المقاومة وإرادة القتال.
كان حماس بن قيس من بني بكر يعد سلاحه قبل دخول الرسول صلّى الله عليه وسلم مكة، فسألته امرأته المشركة:(لماذا تعد ما أرى) !؟ قال: (لمحمد